يقابل الباحثون عن شقق في كثير من مدننا التي يقصدها السياح والزوار عبارة "لا يوجد شقة " على أبواب الوحدات السكنية أثناء الإجازات الرسمية، ومع أن هناك إقبالا على السياحة الداخلية إلا أن هناك أيضا إقبالا كبيرا على قضاء وقت الإجازات خارج المملكة في بعض الدول العربية، فنسبة كبيرة من العوائل السعودية تقضي وقت الإجازة في الإمارات، ومن خلال محاولة التعرف على أسباب هذا الإقبال نجد أن عوامل الجذب السياحي الداخلي غير مشجعة؛ فالشقق المفروشة في الوجهات السياحية الداخلية غير متوافرة بشكل كبير، وهناك مبالغات كبيرة في أسعارها خلال هذه الفترة، فكثير من الشقق المفروشة تعمل على رفع الأسعار في الإجازات ضعفي أسعارها في الأيام العادية، وهذه الأسعار المبالغ فيها لا تقابلها خدمات تذكر. كما أن كثيرا منها غير مرخص من الهيئة العليا للسياحة والآثار، وفيما يتعلق بالشقق المفروشة المرخص لها من الهيئة فمستواها التصنيفي الذي حصلت عليه عند حصولها على الترخيص لا يتوافق مع وضعها بعد فترة وجيزة من تشغيلها، وذلك لعدم وجود الصيانة الجيدة لها، فمستوى الصيانة في أغلب هذه الشقق متواضع جداً -إن لم يكن معدوما- مثل خدمات النظافة، والصيانة من كهرباء وسباكة وغير ذلك، وليس هناك أي اهتمام بهذا الجانب لدى كثير من الشقق المفروشة في هذه المواسم لإدراك أصحابها والعاملين بها مدى حاجة الناس لها في هذه الفترة، واضطرارهم للسكن، كما أن هناك سوقا سوداء للشقق المفروشة من قبل بعض العاملين في هذه الشقق حيث يتظاهر بعدم وجود شقق خالية وهي متوافرة ولكن ليخلق أزمة، ولكي يجبر الباحث عن سكن على قبول أي سعر يطلب منه، وهذا فيه استغلال غير مبرر للزبائن، وأغلب العاملين في الوحدات السكنية من موظفي الاستقبال والفريق الخدمي المساند يفتقر لأساسيات التعامل مع الزبائن، ولا يعرف الابتسامة، وهؤلاء بحاجة لدورات في فن التعامل، ومهارات التواصل مع الزبائن.
وفيما يتعلق بالتصنيف والتقييم للشقق فهو يتم قبل بداية تشغيل هذه الوحدات، ويتم تحديد أسعار هذه الشقق وتستمر هذه الأسعار لمدة طويلة دون مراجعة، ومن يطّلع على هذه الشقق يجد أن مستوى خدماتها لا يتوافق مع أسعارها، وهنا أرى أن الهيئة العامة للسياحة والآثار مطالبة بإعادة تصنيف الشقق المفروشة والفنادق مرة كل 8 أشهر على أن يدفع أصحاب هذه الشقق رسوما رمزية مقابل ذلك، ومن لا يطلب إعادة التصنيف لا يتم التجديد له وتتم معاقبته بغرامة مالية، وفي حالة تكرار المخالفة يتم إغلاق هذه الوحدات، وهذا يتطلب أن يقوم فريق التقييم والتصنيف بالوقوف فعليا على هذه الوحدات السكنية، وبناء على ذلك يتم تصنيفها وتحديد أسعارها وفقا للمعايير التي هي في الأصل بحاجة لمراجعة، كما يتوقع من الهيئة أن تعيد النظر في الأسعار التي تحددها لهذه الوحدات سواء في الأوقات العادية أو أوقات الإجازات لأن هذه الأسعار المرتفعة والتي لا يقابلها خدمات جيدة هي بمثابة عامل مشجع على السياحة الخارجية ومنفر من السياحة الداخلية؛ فأسعار الوحدات السكنية المفروشة في بعض الدول المجاورة أرخص من أسعار الوحدات السكنية في كثير من مدننا، ومستوى الخدمات بها لا يمكن مقارنته بما لدينا، ولذلك نجد أن هناك أعدادا كبيرة من المواطنين يتجهون للسياحة الخارجية لقلة أو عدم توافر السكن، ولارتفاع أسعارها، ولصعوبة الحركة المرورية داخل المدن مثل جدة أو الشرقية وقت الإجازات.
وأتمنى أن تتم مطالبة جميع الوحدات السكنية بالاشتراك في منظومة الحجز عن طريق مواقع الحجز الإلكتروني بحيث يتم التخطيط لقضاء الإجازات بحجوزات سكنية مؤكدة، كي يتم تفادي البحث عن شقة خالية والذي قد يستمر في هذه المواسم لعدة ساعات وبدون فائدة، كما أعتقد أنه من الضروري أن يتم تلطيف عبارة "لا يوجد شقه" التي هي بمثابة طرد للزبائن حتى في حالة وجود شقق خالية، ويضاف إليها كلمة "عفوا" للعبارة السابقة بحيث تصبح "عفوا... لا يوجد شقق".