منذ عدة سنوات اعتاد الفنان رامز جلال تقديم برنامج الكاميرا الخفية تحت مسميات مختلفة والتي كان آخرها هذا الموسم "رامز واكل الجو"، ما جعله يزيد من جرعة الإثارة عاما بعد آخر، وقد استطاع بفعل تلك الإثارة التي يشوبها كثير من الخداع أن يخطف أبصار المشاهدين، بل ويسجل أكبر نسبة مشاهدة، ولكن قد يخطئ من يعتقد أن نسبة المشاهدة العالية هي دليل على النجاح، فها هي فيديوهات داعش الإرهابية سجلت أيضا نسب مشاهدة عالية. قد يستنكر البعض هذا الربط بين برنامج ضاحك وفيديوهات إرهابية يتم من خلالها الحرق وقطع الرؤوس.. ما جعلني أعقد هذه المقارنة هو عامل واحد مشترك بينهما ألا وهو "السادية"، فكيف له – رامز – أن ينتزع الضحكات السوداء من مشاهديه؟ هل أصبحت مشاهد الرعب تثير الضحك؟
بالتأكيد إن مثل هذه المقالب -وجدلا إذا افترضنا أنها خالية من الاتفاق المسبق- ستضع المشاهد العربي في حالة من التبلد المزاجي، فأصبحت مثيرات الضحك لديه ليست النكتة ولا القفشات ولا حتى "إفهات" المواقف الظريفة.
وصل بنا الأمر إلى أن نرى نجما أو نجمة يعذب ويروع وينطق بالشهادة، ونحن – أي المشاهدين – نطلق الضحكات.. ألا لهذا الحد تبلدت مشاعرنا وأصبحنا من السذاجة نضحك على إنسان يرى الموت المحقق، وآخر يتلذذ بإشاعة الرعب في نفسه حتى يفقده صوابه واتزانه أمام ملايين المشاهدين، وإذا كان الأمر هكذا.. فلماذا نحزن ونشعر بالاشمئزاز عندنا نرى أبوبكر البغدادي وهو يعذب ضحايا ويحرقهم ويقطع رؤوسهم وتقاذفها الأرجل؟ هل تأثر رامز جلال بمشاهد الإرهاب التي دبت في المنطقة، بحيث استوحى فكرة برنامجه المليء بكل أنواع الذعر؟
وهنا يمكن أن يحق للدواعش وعلى الطريقة "الرامزية" أن يقولوا: "أبوبكر البغدادي واكل الجو"؟ أم نقول نحن "البغدادي أفسد علينا الجو"؟.