إذا سمعتم أحدهم يصرخ في "الفضائيات"، أو "مواقع التواصل"، محذرا من الفتن؛ ما ظهر منها وما بطن، فتذكروا: أن الفتن مصدرها الإرهاب.. مصدرها التطرف والانغلاق، ولا شيء سوى ذلك..
وإذا سمعتم صوتا آخر في قناة تسير عكس الزمن ستة قرون إلى الوراء ويصرخ معتلا: "يريدون للفواحش أن تشيع في بلاد الحرمين...".. فتذكروا جيدا: أن المتطرفين جعلوا وجود الحرمين مطية لأهوائهم السياسية، وأفكارهم الرجعية، وثقافتهم الانتحارية.
وإذا سمعتم صوتا آخر في رسالة "واتس" يصرخ أيضا من على منبر ديني أو فضائي ويقول: "آه كم أخاف على شبابنا وفتياتنا من هذه القنوات اللعينة...".. فاتركوه حتى يكمل لعناته، ثم وضحوا له: أن قنوات الطائفية والتحريض تلوث وعي الشباب، وتشحنهم ضد المذاهب الأخرى، وتفرش لهم البساط الأحمر للمضي إلى معسكرات الموت. وإذا سمعتم صوتا أحاديا في قناة مذهبية، يدعو على الليبراليين والعلمانيين بالهلاك، وأن يكفي الله المسلمين شرهم؛ فأقيموا عليه الحجة التالية: إن رموز التطرف والتحريض، والفتاوى المعلبة، كانوا (وحدهم) السبب في خروج الآلاف من شبابنا إلى تلك التنظيمات التي تدربهم على فنون الذبح والحرق، والسبي، والتفجير، وكل ذلك باسم الإسلام، وطالبوه بأن يأت برمز واحد -فقط- من رموز العلمانية أو الليبرالية دعا إلى حمل السلاح وقتل الأبرياء، أو التفجير في مساجد المصلين، أو إخراج المسلمين من الملة.