لا يشك أحد في تطرف الجماهير خلال ممارستها العاطفية مع أي حدث رياضي تعايشه، ونتيجة لتطرفها العاطفي وفقدانها لملكة النقد فإن غالب قراراتها وآرائها نابع من العاطفة، فكان من الطبيعي أن يرتبط المشجع باللاعب بعلاقة حميمية، لأن اللاعب النجم وخصوصا نجم الشُباك يرتبط في وجدان المشجع كما ترتبط الأسطورة والرمز فهو بالنسبة للمشجع، صاحب المعجزات والخوارق.
فكانت رغبة المشجع أن يستمر هذا النجم صاحب المعجزات مع ناديه حتى الاعتزال واعتباره ملكا لناديه مدى الحياة، وأي محاولة لنقل هذا النجم من ناديه إلى آخر تعد محاولة لانتهاك هيبة ناديه ومساسا بكرامته وتبديدا لمكتسباته.
والشيء بالشيء يذكر، ففي حادثة انتقال هزازي للنصر المثيرة للجدل التي أثارت غضب المشجع الشبابي بشدة، فلم تستطع أي قوة إقناعه بالوسائل العقلانية أو إغراءه بالمنطق والمنفعة المالية أن هذا القرار صائب من النواحي الفنية والمالية.
ومع اختلافي مع هزازي وتغريداته المسيئة ومع الطرف النصراوي في أسلوب تفاوضه المستفز، ولكني أقف مع قرار انتقاله نظرا لأن الرابح الأكبر في هذه الصفقة هو نادي الشباب.
وهو تأكيد للعبارة السائدة بين الأوساط الشبابية (لا خوف على الشباب بوجود الرمز)، فلا أحد يشك أن نادي الشباب قائم ماليا ومنذ أكثر من ربع قرن مضى على دعم الرمز الأمير خالد بن سلطان المالي واللوجستي.
فهو الداعم الأول والأكبر والمستمر مع تتابع السنين، لم نشعر معه في الربع قرن الأخير أن نادي الشباب أقل مقدرة مالية من غيره، فالشباب يعمل كما يعمل غيره بلا نقصان إن لم يكن أفضل مع تميزه في صناعة المواهب.
فما يتميز به الشباب عن غيره هو استخدامه أفضل منهج في عملية الإنتاج والشراء والبيع، لذلك نادرا ما يقع الشباب في فخاخ الديون والتراكمات المالية، وإن وقع فإنه يتدارك وضعه بسرعة وباحترافية فائقة، وكل هذا بفضل الله ثم بفضل الرمز خالد بن سلطان في المقام الأول.
وكما أن الرمز هو رجل رياضي فهو أيضا رجل سياسة واقتصاد، مما يعني أن التفكير العقلاني لديه يطغى على الممارسة العاطفية أو المتشنجة والغير محسوبة، فلا يتعامل مع اللاعب النجم إلا وفق مصلحة النادي، فلا غرابة أن كان الشباب خلال العقود الماضية دائم الحيوية والتجدد، ومنتجا لكم كبير من المواهب والطاقات والتي كان الشباب هو المستفيد الأكبر من خدماتها.
لا يوجد لاعب يخرج من الشباب إلا بإرادة شبابية حرة ومستقلة، وخروجه مبني على أرقام وإحصائيات لا تقبل القرارات العاطفية والمتهورة، وكلنا عاصرنا كيف يتخلص الشباب من الأجيال القديمة ويستبدلها بأجيال ناشئة وأكثر حيوية، وهذا التدوير في الأموال والفرص ضمن استمرار الشباب في تحقيق البطولات.
وكل هذا يتم وفق قناعة شبابية محضة لا تتأثر بها هيبة الشباب وكرامته، فالهيبة مفهوم (ميتافيزيقي) في عالم الاحتراف، فلم تلده أمه هذا الإنسان القادر على المساس بسيادة الشباب وهيبته بوجود رمز الشباب خالد بن سلطان.