• وأما قبل؛ فأجد نفسي مضطرا قبل كتابة الأسطر التالية أن أتقدم بشكري العميق وامتناني الكبير لجهازي التنفسي بكامل ملحقاته، الذي يكمل معي اليوم خمسة وثلاثين عاما مكللة بالصبر والاحتساب وتحمل كل الظروف المناخية الصعبة التي واجهناها سويا في كل لحظة من لحظات الحياة!
• وأما بعد فيحق لي أن أفخر بجهازي التنفسي العظيم، وأكرر العظيم لأنني لا أظن جهازا تنفسيا آخر في بقعة أخرى من العالم قد واجه ذات الظروف التي تواجهها أجهزتنا التنفسية وصمد أمامها بثبات وصبر، فيكفي أن تكون هذه البقعة مستقرا أو ممرا أو منشأ لكل حبات الغبار في العالم، ويزداد الوضع سوءا حين نضيف المعلومة التالية أيضا التي تنص على أن المملكة شبه خالية من مصدات الغبار الطبيعية أو الصناعية وهو الأمر الذي يجعل ذراته تتغلغل بيسر وسهولة حتى وسائد نومنا الوثيرة!
• وحتى تعلم عزيزي القارئ الكريم كم هو عظيم جهازك التنفسي فلك أن تحاول إنعاش ذاكرتك لاستذكار مواقع المساحات الخضراء الطبيعية في محيطك التي من شأنها أن تمنحك هواء نقيا يساعد جهازك التنفسي على أداء وظيفته، وحين تفشل في المهمة السابقة حتى باستخدامك لـ"جوجل إيرث" فيجب أن تعترف بعظمة جهازك التنفسي وسط تلك الظروف الصعبة!
• ولك أن تدرك عزيزي القارئ الكريم أن جهازك التنفسي يعمل وسط غياب تام لقانون منع التدخين في الأماكن العامة والأسواق والحدائق والمتنزهات، كما أنه يعمل بكفاءة عالية حتى وأكاسيد المصانع تتجول جيوبه الأنفية، فضلا عن أنه يكون في الموعد دائما مهما استنشق من عوادم السيارات التي تصبح محشورا بينها كل صباح!
وأخيرا وبعد كل ما سبق فإنني أتقدم لجهازي التنفسي بصادق الاعتذار وخالص المواساة نظير ما يتكبده على مدار الساعة من عمليات حيوية مرهقة ولا أملك له بعد شكره سوى أن أطالبه بمزيد من الجلد فالقادم أسوأ كما يبدو!