في صورتين متباينتين تصدرتا الأخبار قبل أيام على مواقع التواصل الاجتماعي، في الأولى مجموعة من مشايخ الدين ممن لهم شأن في العمل الديني السياسي، وهم يلبون دعوة لشخصية خليجية كبرى، وكل من يعرف مشايخ الصورة يعلم البسطة في الرزق والأطيان التي هم عليها.. وهم دائما وعبر كل رسالة يؤكدون أن قضيتهم الإسلام والمسلمون، سبيلهم الخطب والمؤتمرات والمواقع الاجتماعية والدعوة المحضة.. حتى لو تواروا قليلا بعد انحسار وهج انتمائهم السياسي.

في الصورة التي تليها مباشرة رجل من شعب الروهينجا البورمي المسلم، الذي يعاني اضطهاد البوذيين هناك، وهو يحمل رأس زوجته المقطوع كي لا تراه ابنته الصغيرة حفاظا على مشاعرها، كمنظر بات معتادا في حياة هذا الشعب المسلم الذي صنفته الأمم المتحدة على أنه الشعب الأكثر اضطهادا في العالم.. لكن دون مجيب ولا منافح عنهم.

بين الصورتين بحثت عن واجبات الشيخ المجاهد بعلمه، وبعده وجدت اتفاقا بين الكتب ومحركات البحث أن المجاهد بعلمه وقلمه هو من يعيش هَمّ المسلمين ويعمل آخرته أكثر من دنياه.. فهل عشنا همَّ شعب الروهينجا المضطهد أم أننا

-كما المذكورين- الاحتفالات والمكاسب أولا، ماذا فعلنا لأجلهم، وماذا قدمنا؟ على أقله هل استنفرنا العالم، هل استثرنا حكومات بلاد المسلمين، أم أن لنا قضايانا الشخصية ولا يعنيها قتل المسلمين كما الذبائح في المسالخ؟ّ!

لا أقتصر على مشايخ الملايين الداعمين للأحزاب الخارجية فحسب، بل كلنا جميعا ماذا فعلنا وماذا يجب علينا أن نفعل؟ وإن كنّا قد لمناهم فلأنهم تبنوا القضايا الخارجية أكثر، وهل هناك من يستحق الدعم واستنفار المحلي والخارجي أكثر من مسلمي "بورما" رغم إدراكنا أن مثل قضية الروهينجا ليس فيها مكاسب دنيوية لهم، بل أخروية بالعون والرضا من العزيز الحكيم، وفي ذلك لن ننتظر من الأمم المتحدة العون ونحن لا نجد فيها إلا "قلق" أمينها العام دون أن تثور لأجل حقوق الإنسان كما تفعل في دول كثيرة حينما تحركها السياسات المتضادة، لكن حين يقتل الآلاف من شعب أعزل وبمباركة

حكومة بورما فذلك شأن داخلي. ولن نقلل هنا من زيارة إردوغان لهذا الشعب قبل سنوات، لكن ماذا فعل بعدها؟!.

وحين تقصر الحكومات المسلمة نسأل أين المشايخ ومفكرو الأمة وواضعو منهجياتها الدينية، أليس في قضية الروهينجا ما يستحق أن تنافحوا وتسافروا لأجله أن تعلنوه، وأن تعقدوا لأجله المؤتمرات، أم أن بعض التدين أصبح في فلك التكسب ولا بأس إن أقام على موائد المتنفذين، وتكسّب من كتب أفكار المساكين بالاستيلاء عليها، ولا بأس أيضا إن اعتمد على الرعاع المهمشين  بتنمية المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي لنيل مكاسب دنيوية؟!

قضية اضطهاد الروهينجا تقابل بإهمال تام من الجميع، وحين نلوم ثلة من شيوخ ينتمون لنا بلدا، فلأننا وجدناهم يتقافزون كثيرا خلف قضايا خارجية باسم الإسلام والمسلمين، كما هم أصحاب الصورة الجميلة المذكورة أعلاه، وكأن الروهينجا ليسوا بمسلمين، وهم الأحق أن يكونوا في إطار الاهتمام؛ تقربا من الله ونصرة للمسلم والعمل الحق الذي تجد فيه أجر الآخرة، لكن يا لسوء حظ هؤلاء الروهينجا فليس منهم مكاسب دنيوية، لذا لا بأس إنْ أُهملوا من قبل هؤلاء، وتم رفض ما يطلب تجاههم، فالأهم أن يزيد الرصيد ويرضى المسؤول.