هل يجب أن نكسب كل شيء أمامنا؟ هل يجب أن لا نفوّت أي فرصة تلوح بالأفق؟ هل من الضروري ألا نتجاوز أي شيء دون أن نكسب منه؟

على افتراض أنك تريد أن تفعل ذلك، دعني أخبرك أن تحقيق هذا السلوك مستحيل، ولا يمكن أن يحدث أبدا، فالحياة مجموعة فرص وأحداث متلاحقة، ولا يمكن لأي فرد مهما كان مستعدا أو مستحقا أن يلم بكل شيء، ناهيك عن ارتباط تلك الأحداث بالمحيطين حولنا من أحباء وأصدقاء وعائلة وزملاء عمل، ما يعني أن فوزك بتلك الفرصة أو الأخرى قد يكون على حساب أحدهم، أو قد تكون قيمته النهائية خسارة تلك العلاقة أو تدهورها.

لذا تبرز مهارة "ترتيب الأولويات" التي يأتي على رأسها الاحتفاظ وتطوير العلاقات الإنسانية للفرد نفسه، فما الفائدة من تلكم النجاحات دون عائلة أو أصدقاء نلجأ إليهم، ومعهم نتشارك فرحة الإنجاز، وبهم نحتفل بنشوة الفوز؟

إضافة إلى أن تطوير مهارة ترتيب الأولويات يجعلنا أكثر قدرة على اقتناص الفرص الأكثر فائدة لنا، فاقتناصك الفرصة الأولى والثانية على التوالي قد يعميك أو قد يمنعك من اقتناص الفرصة الثالثة، والتي قد تكون الفرصة الأهم والأكثر أثرا على مستقبلك، فضلا عن أن الدخول في صراعات ومهاترات على كل شيء سيمنعك –بالتأكيد- من التركيز على نفسك وتطويرها، ويبقيك أسير الصراع والضغط النفسي.

صديقي.. يلعب تحديد أهدافك الاستراتيجية والمرحلية دورا أساسيا في قراراتك اليومية، وهي ما يجبرك على تجاوز ما قد تراه مكسبا سريعا ومفيدا، لكنه على المدى البعيد ضار ومشتت عن الهدف الأكبر، لذا لا يكن هدفك الفوز كل مرة، فقد يكون هذا الفوز الخاطف هو معول هدم نجاحك الكلي أو المستقبلي، حينما تكتشف أنك انشغلت بالمكاسب الهامشية ودمرت شبكة علاقاتك الاجتماعية، فما فائدة النجاح حينئذ؟!