مازال غياب المسلسلات الدينية والتاريخية في شهر رمضان يتواصل عاماً بعد عام، على الرغم من أن هذه المسلسلات كانت من سمات الشهر الكريم، وهذا ما تعودناه في السنوات الماضية، ولكن هذا الغياب غير المبرر أخذ يتزايد حتى كدنا لا نرى لتلك الدراما أثرا. مما أثار علامات استفهام حيال ذلك الغياب.
صناع الدراما يعزون السبب في ذلك إلى أن كلفة مثل هذه الأعمال تحتاج إلى ميزانيات ضخمة، فضلاً عن عدم إقبال القنوات على شرائها وعرضها، وذلك لضعف المردود المادي من جهة، ولإحجام المعلنين والرعاة عن مثل هذه النوعية من الدراما من جهة أخرى.
وبالنظر إلى تلك المبررات فقد نجدها صحيحة بعض الشيء إذا ما اعتبرنا أن صناعة الدراما عملية تجارية في المقام الأول، حيث إنها تهدف إلى تحقيق العائد المادي، وهذا ما يجعلنا نتجه بأنظارنا إلى شركات الإنتاج الفني المدعومة من الأجهزة الرسمية، فهي بالتأكيد المنوطة بتلك الأعمال، وأيضاً أصحاب القنوات الخاصة، فقد أجدني لا أرى لهم إسهاما ملموسا في تلك الدراما الدينية. فمما لا شك فيه أن شهر رمضان فرصة سانحة لإنتاج وعرض دراما دينية تفند الأفكار المتطرفة لدى الجماعات المتشددة "داعش وأخواتها" عبر مسلسلات دينية تدحض من خلالها المعتقدات الخاطئة التي تسربت إلى عقول شبابنا، لطالما خرج علينا المنظرون المنادون بمحاربة الفكر بالفكر، كان أحرى بهؤلاء الناصحين أن يضعوا لنا خطوطا عريضة يمكن الاسترشاد والاتكاء عليها لنستخلص منها الأفكار التي يمكن أن نجابه بها الأفكار الشاذة التي سيطرت على عقول بعض شبابنا، بل وفي ذات الوقت كيفية وأد الفتن الطائفية التي باتت تتسع رقعتها، كل ذلك لن يتأتى بالشعارات الفضفاضة والخطب الرنانة، ولكن كان ينبغي على المفكرين والكتاب والدعاة أن يستخلصوا من تراثنا الإسلامي المليء بثقافة الحب والألفة كل ما ينبذ مظاهر التطرف التي تعيشها مجتمعاتنا.