من لا يشعرون بمعاناة الناس، فهم يلامسون الواقع بكل ما فيه من مشقة وتعب وهذا حال أعضاء مجلس الشورى الموقر، إذ يتراصون تحت قبته صامين آذانهم عن نبض الشارع، والمفترض أنهم يمثلون صوت المواطنين ويبحثون في مشاكلهم ليتشاوروا في الحلول ونحن نتمنى ذلك! غير أن النتائج تصدمنا كما هي صدمتنا في رفضهم لمشروع الوحدة الوطنية وقبله مشروع تجريم الطائفية وغيرها من الدراسات والمشاريع الهامة والتي لو تكرموا بالنظر فيها لأوجدوا على الأقل نظاما يحمي حقوق المواطن من الانتهاك، غير أن ما حصل إجهاض بالأغلبية وكأن في تلك الدراسات الهامة ما يخيفهم ويضعف وجودهم، بدل أن يعزز دورهم ويقربهم من المواطن البسيط الذي وضع الثقة في رجاحتهم ونزاهة آرائهم التي تنطلق من صدق المواطنة ودعم ما يساعد على تقارب أبناء الوطن ونبذ ما يفرقهم.

كثيره هي الأقلام التي تناولت هذا الموضوع واستنكرت موقف المجلس من مشروع الوحدة الوطنية، وإن كانت عبرت عن رأي الأغلبية واستنكارهم، لكن تبقى هناك فئات تتضرر من تعطيل هذا المشروع، لأن سلالها تمتلئ بنتاج هذه الأمور دون غيرها، هي من تتعثر به في أي مكان تقصده، في المدرسة والشارع والسوق والعمل، طائفية تراكمت لتصبح جبلا يرمي بحصاه كل من لا يشاطره الفكر أو الرأي نفسه.

ولا ندري هل أعضاء المجلس الكرام لا يعون الخطر الذي تشكله الطائفية على الشعوب، وما تزرعه من فرقة بتنا نشهد تباشيرها عمليات إرهابية تشظت معها القلوب والأجساد؟

أكثر من علامة استفهام وتعجب ودهشة من رفض الغالبية لهذا المشروع، وحتى وإن خرجوا مبررين فعلهم، إلا أن الأمر لا يقبل التبرير لأنه يمس أمن الوطن واستقراره، حتى والبعض قد يعتبره في صالح الفئة الأقل من المواطنين، وهنا محدودية الفكر والقراءة المغلوطة للواقع، فالمجتمع لم يعد فئة أو اثنتين، بل كبر كثيرا بل وتمدد إلى الخارج، ناشرا لفكر ونهج دخيل يروج للعنف والقتل، والسبب في تناميه بهذه الصورة السكوت وغض النظر عن معتنقيه وعدم محاربتهم منذ البداية.