يبدو أن دائرة أفق حلول غلاء تأجير العقارات المتأرجحة أسعارها في مستويات عالية، أخذت تضيق أمام من يبحث عنها، فبعد أكثر من ثماني سنوات على بروز حلول وتوصيات بتطبيق أنظمة تحكم علاقة المؤجر بالمستأجر بحيث تكون في نسب معينة وفي إطار قواعد وتنظيمات، حتى أطلقت وزارة الإسكان شبكة إيجار على أنها العلاج النهائي لهذه المعضلة، إلا أن مأساة ارتفاع أسعار الإيجارات ما زالت هي، وما زال المؤجرون يحققون أرباحا على أسس غير نزيهة، ونسب غير عادلة.
وعلى الرغم من التفاؤل الذي لمسه القطاع العقاري نظرا لانخفاض الصفقات العقارية وهدوء السوق منذ بداية العام، إلا أنه في كل شهر تطل مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات بأرقام كلفة المعيشة، يبرز السكن كأحد العوامل الرئيسة فيها، وسط مساحات شاسعة تتمتع بها مدن وحافظات المملكة، ووفرة المعروض من البناء، الأمر الذي زاد معاناة مواطنين ومقيمين من عشوائية سوق العقارات بصفة عامة والشقق السكنية بصفة خاصة..
وتبع العام 2007 حتى الآن مناقشات وتوصيات تنادي بضرورة وضع حد لزيادة أسعار الإيجارات، وعلى الرغم من إطلاق وزارة الإسكان لشبكة إيجار قبل عام من الآن، إلا أن كثيرا من ملاك المساكن لم يعترفوا بهذه الشبكة التي تحميهم قبل المستأجرين ضمن إطار تعاقدي يحمي الجميع، لأنها غير ملزمة لهم، في حين يعمد كثير من تجار العقارات من أصحاب المكاتب العشوائية والشبه نظامية، استغلال فرصة عدم وجود أنظمة حكومية تردعهم، بحيث يمنحهم السوق في وضعه الحالي كامل الحرية لرفع الأسعار بنسب هائلة، مما يجبر المستأجرين على تجرع ذلك ودفع الإيجار مهما كان مقابل تنازلات لضروريات أخرى في حياته.
وتعمل شبكة إيجار على ربط مكاتب الإيجار عبر تقنية خاصة توضح معلومات المستأجرين وتاريخهم الائتماني من حيث سداد الإيجارات والتعثر، وموعد السداد سواء كان شهريا أو نصف سنوي أو سنويا إلى جانب خدمات أخرى، إلا أن من اشترك فيها قليل وأسعار الوحدات العقارية ما زالت غالية داخل الشبكة وعلى أرض الواقع.
من جهتهم، أفاد متخصصون لـ"الوطن" أن شبكة إيجار الإلكترونية تهدف إلى تطوير قطاع إيجار المساكن في المملكة، متسائلين في الوقت ذاته عن الأسباب وراء عدم تفعيلها بالشكل المطلوب من قبل وزارة الإسكان، ليتم على ضوء الشبكة حفظ حقوق المالك والمستأجر بطريقة نظامية وبعيدة عن العشوائية الموجودة في الوقت الراهن، مطالبين في الوقت ذاته بضرورة تفعيل النظام بشكل عاجل لحماية المواطن من ابتزاز الملاك فيما يتعلق برفع الأسعار.
وفي السياق ذاته، أكد الخبير الاقتصادي الدكتور مجدي البركة لـ"الوطن" أن التغييرات الإدارية الأخيرة في وزارة الإسكان كانت أحد أسباب تعثر شبكة إيجار، مبينا أن الشكل الجديد للوزارة يحمل في ثنياه فكرا أفضل ويدعم الفكرة الماضية ولكن بآليات وأدوات حديثة.
وأضاف الدكتور البركة أن شبكة إيجار ستحد من أسعار الإيجار لكي لا تكون عشوائية كما هو معمول في الوقت الحالي، وأنها ستعطي الأمان لدى المالك والمستأجر، وكذلك على المدى القريب ستعطي خيارات أفضل ما بين الطرفين.
وأضاف الخبير الاقتصادي: "بحسب اللوائح المحددة في نظام إيجار فإن المالك لا يستطيع رفع قيمة الإيجار على المستأجر ومنها تثبيت العقود إلى خمس سنوات"، لافتا إلى أن أغلب التشريعات الجديدة كفيلة بأنها تعمل مع الحدث بشكل مباشر وهذا بحد ذاته إيجابي للطرفين، وفيه استقرار للأسعار وأمان وثقة.
يذكر، أن شبكة "إيجار" الإلكترونية تهدف إلى تطوير قطاع إيجار المساكن في المملكة وتتيح للمواطن خيارات مختلفة للسداد عبر قنوات السداد الإلكترونية المتوفرة وبأقساط سنوية أو شهرية أو غيرها مما يتم الاتفاق عليه، وستسهم هذه الآلية في تيسير عملية السداد من قبل المستأجرين، وتعزيز ثقة المستثمرين في هذا القطاع، كما سيتيح نظامها التعاقد بين المستأجر والمالك من خلال الوسيط عن طريق الشبكة ويحفظ حق المستأجر والمالك ويتم من خلاله التحقق بطريقة آلية من هوية أطراف العقد "المستأجر والمالك والوسيط والعقار"، وحفظ وثيقة العقد داخل الشبكة لتسهيل الوصول إليها عند الحاجة.
وتمكن المواطن من البحث في نطاق واسع عما يناسبه من مسكن للإيجار حسب المواصفات التي يرغبها كالموقع والمساحة والخدمات وغيرها من الأمور التفصيلية كما تتيح للمستأجر الحصول على أفضل العروض وتشجيع التنافس في ذلك.