اتخذت الإمارات العربية المتحدة أمس خطوة تعد الأولى من نوعها في الخليج، لتوفير الأموال، إذ رفعت الأسعار المحلية للبنزين لشهر أغسطس إلى 2.14 درهم للتر 95 أوكتين بارتفاع 24%، وخفض سعر لتر الديزل 29% إلى 2.05 درهم.
وفيما توقع صندوق النقد الدولي أن تسجل الإمارات هذا العام أول عجز في ميزانيتها العامة منذ عام 2009، قالت وزارة الطاقة إنه سيتم في الـ28 من كل شهر الإعلان عن متوسط أسعار الشهر لاحتساب سعر بيع الوقود للشهر المقبل.
ميدانيا، واكبت وزارة الاقتصاد الإماراتية رد الفعل حيال تحرير أسعار مشتقات النفط، وأكدت على لسان وكيل الوزارة محمد الشحي أنها ستراقب منافذ البيع والتجار والموردين لرصد أي تجاوزات في أسعار السلع الاستهلاكية وتشديد العقوبات على التجار المبالغين، داعيا مواطني الدولة وزوارها إلى الاتصال على الخط الساخن المخصص لحماية المستهلك للإبلاغ فورا عن أي رفع للأسعار.
امتزجت التطمينات بالتحذيرات في تصريحات المسؤولين الإماراتيين أمس، بعد إعلان دولة الإمارات العربية المتحدة تحرير أسعار الوقود، في حين طغت نبرة التفاؤل حول هذه الخطوة، واصفين انعكاساتها بالإيجابية على اقتصاد الإمارات وعاملا معززا من تنافسيتها على الصعيد العالمي، لا سيما أن البنك المركزي الإماراتي قد توقع في تقرير أصدره أمس خفض الإنفاق الحكومي بنسبة 4.2% هذا العام بسبب تراجع أسعار النفط التي تؤثر في عائدات البلاد.
وقررت الإمارات أمس رفع أسعار الوقود، إذ سيرتفع سعر لتر البنزين 95 أوكتين 24% إلى 2.14 درهم في بداية أغسطس، بينما سينخفض سعر الديزل 29% إلى 2.05 درهم.
ومن المتوقع أن يقلص هبوط أسعار النفط الإيرادات الحكومية المجمعة بواقع 22% بما يؤدي إلى عجز في الموازنة قدره 30.6 مليار درهم أو ما يعادل 2.4% من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك بحسب بيانات صندوق النقد الإماراتي.
وقال صندوق النقد إن ذلك سيكون أول عجز تسجله الإمارات العربية المتحدة منذ 2009، بينما من المتوقع أن ينخفض الإنفاق الحكومي المجمع الذي يشمل إنفاق الحكومة الاتحادية وحكومات الإمارات السبع في البلاد إلى 460 مليار درهم أي ما يعادل 125.5 مليار دولار في 2015 من 480.8 مليار درهم في 2014 عقب عدة سنوات زاد فيها الإنفاق بمعدلات اقتربت من 10%.
وفي الوقت الذي أكدت فيه وزارة الاقتصاد الإماراتية في بيان صحفي أصدرته أمس أنها ستكثف جهودها في المرحلة القادمة بالتنسيق مع الجهات المختصة الأخرى على المستويين الاتحادي والمحلي وكذلك منافذ البيع والتجار والموردين للحيلولة دون استغلال قرار تحرير أسعار الوقود بهدف زيادة أسعار السلع والمواد الاستهلاكية، ناشدت الوزارة المستهلكين كافة بإبلاغها والجهات المعنية في حال رصدهم أي ارتفاع بأسعار السلع والمواد الاستهلاكية.وبالتوازي مع ذلك، قال وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي إن تحرير أسعار المشتقات البترولية في الدولة ستكون له انعكاسات إيجابية مهمة على اقتصاد الإمارات ويعزز من تنافسيتها على الصعيد العالمي، مشيرا في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الإماراتية إلى أن الانخفاض الكبير في أسعار الديزل المستخدم في كثير من جوانب الصناعة الإماراتية سيكون له تأثير إيجابي كبير في تنافسية الاقتصاد الإماراتي، فيما ستشهد أسعار البنزين ارتفاعا محدودا بحدود 42 فلسا للتر، الأمر الذي لن يؤثر في ميزانية كلفة تعبئة الوقود في السيارات المستخدمة في الإمارات، خصوصا أن 50% من السيارات المستخدمة في الإمارات هي من المحركات ذات الأربع أسطوانات، وبالتالي لن ترهق الزيادة في أسعار البنزين ميزانية الأسر في الإمارات.وأضاف المزروعي أن وزارة الطاقة أجرت اتصالات مع وزارة الاقتصاد واللجنة العليا لحماية المستهلك لضمان عدم استغلال هذه القرار والمتغيرات في أسعار الطاقة، والتأكد من أن لديها الخطط والبرامج لضمان عدم استغلال تحرير أسعار الوقود وزيادة أسعار السلع والخدمات.
وبالعودة إلى بيان وزارة الاقتصاد الإماراتية، فقد أشارت إلى أنها تقوم عبر اللجنة العليا لحماية المستهلك بالتنسيق مع منافذ البيع الرئيسة وشركات النقل للاستفادة من انخفاض سعر الديزل خلال هذه المرحلة وانعكاسها على أسعار السلع بشكل عام، مشددة على حرصها وكل الجهات المعنية بالدولة على منع أي زيادات غير مبررة في أسعار السلع والمواد الاستهلاكية بذريعة تحرير أسعار المشتقات النفطية.
كما شددت وزارة الاقتصاد أن لا رفع للأسعار إلا عبر آلية تراعي حقوق المستهلكين ومصالح التجار والموردين، حيث يرفع طلب رفع أسعار السلع إلى اللجنة العليا لحماية المستهلك للبت فيه، منوهة إلى أنها أعدت استمارة لتستخدمها الشركات المتقدمة بطلب رفع سعر منتج معين، وذلك بهدف إجراء الدراسة التحليلية واتخاذ القرار المناسب.
وأكد وكيل وزير الاقتصاد للشؤون الاقتصادية المهندس محمد الشحي على أن الوزارة تضع مسألة حماية المستهلك كأحد أهم أولويات عملها وتتعامل معها كركيزة أساسية تسهم في تعزيز الأمن الاجتماعي للدولة، موضحا أن إدارة حماية المستهلك بالوزارة تواصل جهودها المستمرة بمراقبة الأسواق وأسعار المواد والسلع الاستهلاكية.
من جانبه، أكد الوكيل المساعد لشؤون الشركات التجارية في وزارة الاقتصاد حميد المهيري أن الوزارة ستكثف رقابتها على جميع أسواق الدولة بالتعاون مع شركاء الوزارة من الجهات المختصة في إمارات الدولة كافة لضبط إيقاع السوق بما يحفظ حقوق المستهلكين ولا يضر بمصالح التجار والموردين، مضيفا أن فرق الوزارة الرقابية والتفتيشية المنتشرة في إمارات الدولة كافة تواصل جهودها في إطار الدور المنوط بها لحفظ استقرار الأسواق وتوازنها.
ونوه المهيري بأن المستهلك في الإمارات أصبح على قدر كبير من الوعي وأكثر معرفة بحقوقه، بفضل حملات التوعية المستمرة والمتواصلة التي تنفذها الوزارة وكل الجهات المعنية في مختلف إمارات الدولة، وهناك تفاعل ملحوظ من قبل المستهلكين، كما أن هناك تعاونا بناء من قبل منافذ البيع والتجار والموردين وهذه الجهود مجتمعة تعتبر أحد ركائز الحفاظ على استقرار الأسواق وتوازنها.