بظني أن الخطأ في حلقات سيلفي الثلاث الأولى، من حيث التأثير هو توقيتها. كان يجب أن تكون الحلقات طيلة الشهر، تمهيدا لها، أو انشغالا باليومي عنها. هذا ما دام الفن هنا هو جسّ أعتى ما نعانيه من خراب والواقع. المشهد الأخير من الحلقة الثالثة، اللحظة الدرامية والإخراجية الكبرى في النهاية كانت مليئة بالكثير.
ذلك المشهد المترائي لم يكن دينيا صرفا، بل انتقاما بلثام أيديولوجي. الحكاية تكمن في هذه الصورة المستدعاة، لحظة الانهيار الأليمة. أين الخطأ؟ هل هي الأبوية الرعوية التي تتيح لأي أحد أن يستثمر الوصاية؟ الهوية والأنا؟ والذبيح ينظر في غبنه.. يمكن أن نطرح سيلا من الأسئلة، الأب والابن ظهرا في الخلفية المتخيلة/الواقعية بشخصيتين شائعتين؛ الأب العادي البسيط، الذي لا يعرف عن ابنه سوى أن يدفع به للمدرسة صباحا، ثم يدفع بمرجيحته كأب مهدود في حديقة، دون أن يعي أبعد من هذا عن عالم ابنه، الابن الذي يكبر جسده في البيت، وفكرته عن الحياة تكبر خارجه.
الكارثة التي تعيد إنتاجها الأبوية الرعوية بكل أشكالها، من المؤسسات إلى الفرد، تتشابه في عجزها وجرمها الاجتماعي والفردي، فهي تنتج عاطلين عن المعنى والعمل والمسؤولية والاستقلال، ولا تختلف إلا في شناعة مخلفاتها ومصائرها، ولشحن هذا الحقد والنقمة يلزم القليل من الصراخ الدموي فقط، يمكن لأتفه متطرف أن يؤديه. صراخ يشبه الغضب اللاحق بالحلقات بالثلاث.
شكرا ناصر وخلف والفن. الفن الذي يضع المجتمع أمام نفسه.