ضمن قالب ما يعرف مسرحيا بـ"المسرح المكشوف"، استطاعت ثلة من النجوم الشباب إحياء دور المسرح "أبو الفنون"، برسائله التوعية المباشرة، في المنطقة التاريخية بجدة، ضمن فعاليات "عيدنا كدا" في نسخته الثانية.

القائمون على مسرحية "هيا قوام"، التي يقدمونها ضمن قالب "كوميدي - تراجيدي"، جلبت انتباه الحضور الذين اكتظت بهم مساحات المسرح الذي يستوعب في العرض الواحد ما بين 400 إلى 450 شخصا تقريبا.

تهدف المسرحية بحسب كاتبها وأحد أبطالها نزار السليماني، إلى الحفاظ على العادات والتقاليد التي افتقدها الجيل الجديد من الأبناء في الوقت الراهن، كما تدعو إلى توحيد الصفوف والانتباه للخطر الذي يحاك ضدهم.

يشير السليماني في حديثه إلى "الوطن" إلى أن المسرحية استعراضية أيضا وتقدم معها عددا من الرقصات الشعبية، إضافة إلى الزفة الحجازية، والجسيس الحجازي.

اللافت في المسرحية أنها مستقاة من الرواية الشعبية "أبو عرام والبشكة"، للأديب أحمد صالح قنديل، الذي نظم الشعر الحديث، وبلهجة مدن الحجاز نظم شعرا عرف باسم "الشعر الحلمنتيشي" واشتهر بـ(قناديل) الذي كانت تنشره الصحف، وترجمة روايته طبيعة الشخوص الجداوية في حقبة زمنية مهمة من تاريخ هذه المنطقة، التي جرت أحداثها في حارة المظلوم، إحدى الحارات الأربع التي شكلت ماضي العروس قبل هدم سورها في 1947.

رغم غياب ثقافة المسرح بحسب السليماني، إلا أنهم استطاعوا استقطاب حضور جماهيري كبيري يوميا، ويرجع مؤلف النص المسرحي ذلك إلى تعطش المجتمع بمختلف شرائحه الاجتماعية لاستقبال رسائل أبي الفنون، لأنه القادر على توصيل تلك الرسائل بشكل مباشر دون وسيط، مثل بقية وسائل الاتصال الجماهيري الأخرى.

كما أن هناك هدفا غير مباشر يسعى إليه فريق العمل المسرحي وهو محاولته غرس الموروث التاريخي للمنطقة في نفوس الحضور، عبر استحضار اللهجة الحجازية العتيقة، وبأسماء أبطال العمل المسرحي بأسماء قريبة من أجواء الأسماء التي كانت تطلق في حواري جدة القديمة.

بسام الوزان أحد من انتهى لتوه مع عائلته من حضور الاستعراض الثاني لمسرحية "هيا قوام"، وهي المرة الأولى في حياته التي يحضر فيها إحدى المسرحيات، يقول "أجواء المسرح التي قدمها لنا شبابنا تدعو للفخر والاعتزاز، بقالب اجتماعي كوميدي أكثر من رائع، استمتعنا فيه وفهمنا الرسالة المباشرة التي كانوا يودون إرسالها لنا".

يعود السليماني إلى التأكيد على جملة رسائل بثها، مشيرا إلى الحاجة الماسة لتحرك وزارة الثقافة والإعلام وجمعية الثقافة والفنون، لدعم البنية التحتية للعمل المسرحي السعودي، وبخاصة أن المجتمع بدأ يتفهم دور المسرح في معالجة قضاياهم بطريقة لم يألفها من قبل.

يذكر أن العمل يقوم عليه تمثيلياً إضافة إلى كاتبه، كل من هاني أبو السعود، وعبدالله السليماني، وياسر الشافعي، وهاشم عمران، ومعاذ يونس، وحسام بن عفيف، وباسم باحداد، وحسين هوساوي، ومدير الإنتاج سعدي شوبكي، وإخراج عبدالله اليامي، ومنتج منفذ مؤسسة لؤلؤة الفن للإنتاج الصوتي والمرئي.

وبدأت عروض المسرحية من ثاني أيام الفطر المبارك، وتستمر حتى اليوم، بثلاثة عروض يومية، واحد يقدم بعد صلاة العصر، وعرضان يقدمان بعد صلاة العشاء.