تواصلت أمس ردود الفعل المنددة بالاتفاق الذي تم التوصل إليه بين إيران والقوى الست الكبرى في فيينا أول من أمس، وأجمع خبراء ومحللون سياسيون في أحاديثهم لـ"الوطن" على أن الاتفاق يمثل تهديداً مباشراً للشرق الأوسط والأمن القومي العربي، مشيرين إلى أن إيران ستستغل الاتفاق في زيادة أنشطتها المشبوهة والمعادية للعرب.
وقال وزير الخارجية المصري الأسبق السفير محمد العرابي، إنه بموجب الاتفاق سترفع العقوبات عن طهران وستفك القيود على بعض أرصدتها في الخارج والتي تقدر بمليارات الدولارات وهذا يعطي دفعة اقتصادية لها، وقد تكون هناك عواقب سلبية للاتفاق على المنطقة بمغالاة إيران في مواقفها في اليمن أو سورية أو العراق، ومن ثم فلا بد من وجود استراتيجية عربية موحدة لمواجهة الأطماع الإيرانية في المنطقة".
وأكد نائب رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي زهدي الشامي، أن "الاتفاق سيمر، وسيتم تحصينه بقرار من مجلس الأمن، ما سينعكس سلباً على تطورات الأوضاع في المنطقة خصوصا أن الاتفاق سينهي وضع إيران بوصفها دولة مارقة، وسوف تستغل إيران هذا الاتفاق في العمل على تزايد دورها في المشكلات الإقليمية الملتهبة".
وأشار أمين عام اتحاد نواب مصر المستشار ياسر القاضي إلى أن "الاتفاق النووي سيؤدي إلى تغيير جذري وانقلاب كبير في المنطقة جيوسياسيا وجيواستراتجيا، حيث أعطى الضوء الأخضر لإيران لتصبح ممراً إجبارياً لحل أي ملفات إقليمية، ويجب على الدول العربية أن تدرس هذا التحول المزلزل جيداً، وأن تتحرك بسرعة وفق موازين القوى الجديدة ومعطيات ونتائج هذا الاتفاق حتى لا تتجمع كل الخيوط لتنتقل إلى واشنطن لاستغلالها في الفترة المقبلة".
وقال الخبير الاستراتيجي اللواء حمدي بخيت إن الاتفاق أثبت أن أزمة البرنامج النووي الإيراني لم تكن إلا ساترا لمعركة مناطق النفوذ في الشرق الأوسط، وكان الجميع يستخدمها لتحقيق انتشار لنفوذه في المنطقة، لافتا إلى أن الاتفاق بشكله المعلن لن يمنع طهران من أن يكون لديها برنامج نووي متطور تستطيع أن تصل به لتصنيع سلاح نووي لأنه يمنح إيران مهلة 15 سنة لتنفيذ الاتفاق.
بدوره انتقد اللواء طلعت موسى الخبير الاستراتجي عدم تضمين الاتفاق أي بنود حول شكل منطقة الشرق الأوسط في المستقبل، وعدم وجود مؤتمر للمصالحة بين إيران ودول الخليج وعلاج الملفات العالقة وأبرزها إنهاء احتلال الجزر الإماراتية، وضمان عدم الاعتداء على أمن دول الخليج.
وقال أستاذ العلوم السياسية طارق فهمي، إن الاتفاق تجاهل أمن المنطقة ولم يقدم لنا نظرة مطمئنة للمستقبل، محذرا من استخدام واشنطن لدول الخليج كدرع في مواجهة إيران بدلا من تعهداتها في حماية دول الخليج أمام أي مخاطر خارجية، ومؤكدا أن الاتفاق يفتح الباب على مصراعيه لسباق تسلح نووي في المنطقة حتى لو بشكل سلمي.