الحياة الروحية هي أعلى تعبير عن الروح، ممثلة في اتجاهات الفرد من حب وكرم ونبل ورحمة، الصيام والتضامن مع الفقراء بالشعور بالجوع لا يكفي، إن أجمل وأفضل وأعظم رحلة تقوم بها في هذه الحياة هي رحلتك إلى داخلك لاستكشاف ذاتك والتعرف عليها، ومعرفة كيفية التعامل معها واستثمارها، لتنطلق بعدها إلى رحلة كونية رائعة ولا تعود بعدها كما كنت، إن رمضان هو الشهر الأفضل لخوض هذه الرحلة الروحية كما ينبغي لمعنى الروحية الحقة.

عندما تكون الصلة بين الله والإنسان مجرد صلة بالكلمات والوصايا، فلن يتغير شيء في الإنسان؛ لأن بإمكان الإنسان أن يفعل أي شيء دون أن يتغير داخليا. إن أي إنسان سيئ النفس يظن أنه بصلاته وبصومه سيكون محبوبا لدى الله، وأن هذا يجعل منه إنسانا صالحا، فيما لم يغير التمظهر بـ"التدين" شيئا في نفسه، ولم يرق نفسه ويزكيها، ولم يعالجه من أمراضه ومشاكله الداخلية، فهذا التدين ليس له أي أثر في الحياة ولا في حياته ذاتها، وكذلك الصوم دون سلام أو رحمة أو طمأنينة.

الرحمة هي قلب اليقظة الروحية. الرحمة لا تصدر من الفكر، إنها شعور لا يقدر؛ لهذا فإن معتقداتك عن مدى طيبتك أو أخلاقك لن تجعل منك شخصا أفضل، إذا لم يتحسن سلوكك فإن صومك لا يهم، إذا كنت ما تزال لا ترى عيوبك ولم تحظ بتلك اليقظة الروحية.

تدريب عقلك على الصبر عن الطعام والشراب لا يهم إذا لم تتطور لديك الرحمة، تدبر في كل حالة عقلية تسيطر عليك. فعن العقل تنشأ جميع الحالات الذهنية ومنها الرحمة والسمو والتكبر والقسوة، العقل سيدها وكلها من صُنعه.

إذا تحدث المرء أو تصرف بعقل ملوث تتبعه المعاناة كمن يجر عربة إلى منحدر. أوقف المعاناة بيقظة الروح، عش برحمة، اعمل برحمة، كن بحال من الرحمة، تأمل برحمة، وقم بصيامك برحمة.