تختلف الكتابة بين المقالات الطويلة في المنتديات، والتغريدات القصيرة في "تويتر"، وهذا ما فرضه الواقع على الكاتب أبو لجين إبراهيم الذي وجد في التغريدة أسلوبا جديدا. ويقول أبو لجين إن الكتابة في "تويتر" تحتاج إلى براعة في الصياغة، والتعبير بأقل عدد ممكن من الكلمات والحروف، مشيرا إلى أن هذا الموقع يمثل مرحلة يمكن تشبيهها بكتابة المختصرات والمتون في تاريخنا الإسلامي. كما يعتقد أن الدعوة إلى إغلاق "تويتر" هروب من الواقع، ومن يدعو إلى ذلك يفكر خارج الزمن، ويركض بسرعة شديدة نحو الوراء، وآراء أخرى في الحوار التالي:
* من كاتب مقالات بآلاف الحروف إلى مغرد مقيد بـ140 حرفا فقط، ما الفرق في تجربة الكتابة بين المنتديات و"تويتر"؟
الكتابة في المنتديات لها أسلوبها، والتغريدات في "تويتر" لها أدوات مختلفة، وهذا يفرضه واقع كل منهما، وكذا اختلاف أمزجة المتابعين، فالمتابع للمنتديات غير المتابع لوسائل التواصل الحديثة كـ"فيسبوك" و"تويتر".
الكاتب في المنتديات يجد مساحة واسعة للتعبير عن رأيه، والإسهاب في الشرح والتدليل، وهي مرحلة أشبه ما تكون بمرحلة التأليف الموسوعي في تاريخنا الإسلامي، مع اختلاف في النسبة طبعا بين الكتاب الموسوعي الضخم وكتابة مقال في المنتدى.
أما الكتابة في "تويتر" فتحتاج إلى براعة في الصياغة، بحيث يمكنك التعبير عما تريد بأقل عدد ممكن من الكلمات والحروف، وهي مرحلة يمكن تشبيهها بكتابة المختصرات والمتون في تاريخنا الإسلامي.
ومزاج الشخص المتابع للمنتديات يسمح له بالإبحار في المقالات، بينما المتابع لـ"تويتر" لا يتحمل مزاجه الشخصي سوى سطر واحد أو أسطر عدة، بالعموم الكتابة في المنتديات تحتاج مهارات معينة، والكتابة في "تويتر" تحتاج مهارات مختلفة.
رغم أن عدد متابعيك يقترب من ربع مليون، لماذا تقل أو تغيب ردودك أو تفاعلك معهم؟
أحيانا قلة الوقت لا تسمح لي بالتفاعل مع الجميع، ولكن غالبا لا أتجاهل ما يكون استفسارا أو إجابة على سؤال، وأكون مقلا في المواضيع التي يكثر فيها الجدل، وأركز على طرح الفكرة المفيدة، وأحيانا تجد بعض المتابعين يحاول أن يسحبك إلى مساحات خاصة به، وكصاحب قلم لا أحاول أن أبحر إلا برغبتي، وفي بحور أتقن فن السباحة فيها، لأن من أبحر في بحر غيره كان مصيره الغرق، أو قل إنه لن يخرج كما دخل سالما.
هل يصلح "تويتر" بتغريداته القصيرة ما عجزت عنه المقالات والمعلقات الطويلة؟
الحروب تقام بكلمة والسلام يمكن أن يقام بكلمة، ولنا في التاريخ عبرة وعظة في ذلك، ولذا فإن التغريدة من أقوى وسائل التأثير في العصر الحديث، فواحدة ربما تشرق وتغرب، وتكون حديث الإعلام.
ورب تغريدة واحدة تكشف خبايا وأسرارا عجزت عن إدراكها المؤلفات الطوال، أو تحقق سلاما طال انتظاره، أو تشعل حربا تعب أصحاب المقالات والصحفيين والكتاب في تجنبها.
اختلفت الآراء في "تويتر" حول مسلسلات رمضان، برأيك لماذا يغيب النقد الوسطي المستقل؟
- الوسطية والاعتدال والإنصاف شيء عزيز المنال في ظل الاستقطاب الحاد في الأفكار والتوجهات، كما نرى ونشاهد ونعلم، وهذا أمر لم يعد بالإمكان إنكاره، وهو بالمناسبة يعم كل الشرائح المعنية بالثقافة والفكر وغير ذلك.
ومن الملاحظ أن معظم مسلسلات رمضان تعتريها بعض المخالفات الواضحة، ويمكن لأي متابع أن يرصد ذلك بسهولة، وذلك خلال شهر رمضان، فما بالك بغيره من الأشهر.
ما رأيك في دعوة البعض لإغلاق "تويتر"؟
دعوة فاشلة، وهروب من الواقع، ومن يدعو إليها يفكر خارج الزمن، ويركض بسرعة شديدة نحو الوراء، بينما يتقدم العالم بسرعة مذهلة في اتجاه آخر، وأية محاولة لإغلاق "تويتر" أو الإنترنت لا تنتمي حقيقة إلى عالم اليوم، الذي جعل من المنع والحجب شيئا من الماضي.
والأولى أن يتم تقنين الوضع، واتخاذ إجراءات تمنع الإساءة للآخرين، وفي الوقت ذاته تتيح هامشا كبيرا لحرية تبادل الآراء، فيما يمكن أن نطلق عليه أكبر عملية تأريخ للواقع المعاصر بكل تفاصيله.