لا عزاء يحمله الزمن على امتداد مساحات الوطن كعزائنا في رحيل سعود الفيصل، ولا أظن أن مشاعر حزن وطن يحملها اثنان تختلف أن رحيل رمز السياسة لا يمكن أن ينسى. كيف ننسى صانع خارطة الديبلوماسية للمملكة العربية السعودية منذ أربعين عاما؟
سعود الفيصل راية عالمية تبقى ما بقي الزمن.. وسيبقى في ذاكرة الجيل حتى وإن عاش ذلك الجيل في زمن ما بعد رحيله.
حديث القلب هنا عن لحظة الفقد، وعزاء الوطن أن للفيصل نجباء تعلموا رسالة الإنصاف والعدل على مدى أربعة عقود من مدرسة سعود الفيصل: الإخلاص، والوضوح، ودهاء الرجال، وهدوء العقلاء كل ذلك من سجايا الأمير سعود الفيصل، هذا ما اتفق عليه كل العالم وليس مجرد انتماء يسطره المادحون له، لكنها حقيقة كيان سياسي أوجده الله في شخصيته قل أن يصنع التاريخ مثلها. اليوم وقد رحل أمير السياسة وحكيم القضايا العربية والإسلامية والعالمية، رحل شامخا بالحق. الفيصل وزير تربع أربعة عقود على قمة السياسة وأنظار العالم تشهد حقيقة منجزه السياسي وإخلاصه ووضوحه، وكأن تلك الأنظار تسكنها الدهشة من ذلك الأمير البطل وفولاذية عباراته التي تفاجئ المؤتمرات الدولية وتجعل أعداء سياسته صامتين لقوة وصلابة ذلك الرمز القائد.
هنا أعلم أن الدعاء له أنفع من كيل المديح الذي هو حق له علينا، لكنها حقيقة إنصاف لعقود زمن سعود الفيصل. أكثر السطور حسرة وألما هي تلك التي تكتب لرحيل العظماء، وسيرة الأمير سعود عظيمة بعظم ما قدمه لوطنه طيلة حياته.
رحل الأمير سعود الفيصل وملامح ذاكرتنا تستحضر ما قدمه ذلك البطل، ومشاهدات الذكرى تطبع في أذهاننا قيمة الرجال الأوفياء المخلصين، فسيرته رافقت مسيرة خمسة زعماء حكموا هذا الوطن المعطاء وحكيم السياسة يقف مخلصا خلفهم، رحمات من الله تملأ أركان قبرك أيها الأمير الراحل، إن غيبك القدر عن أنظار العالم فستظل مواقفك وكلماتك خالدة في أذهاننا لا يزيحها تاريخ ماض أو زمن آت.