كل الأنظمة المعمول بها تصدر بلوائحها عن المقام السامي وبمرسوم ملكي، وأي تعديل عليها يكون بالطريقة ذاتها، أما تنفيذ الأنظمة والعمل بها فمسؤولية الأجهزة التنفيذية ومن بينها، بالتأكيد، هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ووزارة التعليم ووزارة الشؤون البلدية والقروية!.

يوبخ موظف الهيئة امرأة في السوق لأنها بلا قفازات، هذا ليس خطأ فرديا فالموظف أثناء عمله يمثل جهاز الهيئة، الذي حدد النظام له العمل والمهام، فهل في نظام الهيئة ولائحتها التنفيذية ما يصف عدم لبس القفازات بالمنكر؟ إن كان ذلك فعلى الهيئة توضيحه لعموم المواطنات ليلتزمن بالقفازات، وإن لم يكن فعلى الجهاز تحمل مسؤوليته النظامية تجاه موظفه والأخلاقية تجاه المواطنة المتضررة وإبلاغ أفراد الجهاز أن لا شأن لهم بأيادي النساء.

موظف يستوقف حافلة طالبات الجامعة لأنه رأى، خلف الزجاج المعتم، إحداهن كاشفة وجهها، ويصعد الحافلة يسألهن عمّن كشفت وجهها، ويأمر السائق بإطفاء المكيف وعدم السير إلا بعد نزول الطالبة الكاشفة.

إن كان هذا الموظف من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهو على حق إن كان نظام الهيئة الصادر بالمرسوم الملكي بلائحته ينصّ على أن كشف وجه المرأة منكر، وعلى الهيئة أن تبلغ المواطنات جميعا أن كشف الوجه منكر، وإلا فعليها الاعتذار وتحمل مسؤوليتها تجاه موظفها والتعميم على أفرادها بأن كشف الوجه ليس منكرا.

وإن كان الموظف تابعا لجامعة نورة فالجامعة تنفذ النظام الصادر من المقام السامي وليس لها أن تتزيد فيه فتفرض غطاء الوجه فرضا على طالباتها في حافلاتها، وعليها تحمل مسؤولية خطأ موظفها وتبعاته وإفهام موظفيها صراحة أن لا سلطة لهم على وجوه الطالبات.

بأمر ملكي تكونت هيئة كبار العلماء شاملة المذاهب الأربعة، وتغطية وجه المرأة موضع اختلاف بين المذاهب، وتظل آراؤهم غير ملزمة للنساء إلا إذا صدر بأحد الآراء قرار إداري بنظام يصدر من المقام السامي.

أي أن التعاميم الصادرة من الجهات التنفيذية (الوزارات، الرئاسات) بإلزام النساء بتغطية وجوههن هو تجاوز فسحة الدين وعلى الأنظمة الأصلية واجبة النفاذ.

لا يجوز أن يكون وجه المرأة السعودية محلا لمزايدات الجهات التنفيذية وأمزجة موظفيها... لا يجوز.