مدينة أوتاوا واحدة من المدن التي يوجد فيها عدد كبير من المبتعثين، يقضون الشتاء في منازلهم بسبب شدة البرودة، ويفضلون البقاء خارجها بالصيف بسبب جمال الطبيعة، أما في شهر رمضان فتختلفت الموازين، حيث إن ساعات الصيام تزيد عن 19 ساعة، إضافة إلى الفصل الدراسي الصيفي الذي يتطلب مجهودا مضاعفا، فضلا عن طول ساعات النهار، وقصر الليل.
يقيم في المدينة عدد كبير من المسلمين المهاجرين، يمارسون شعائرهم الدينية في خمسة مساجد لا يسمح برفع الأذان فيها باستخدام مكبرات الصوت، ويفضّل عدد من المبتعثين مشاركة إخوانهم العرب في تناول الإفطار، وآخرون يفضلون تناوله مع زملائهم، وقسم ثالث يستمتع به مع عائلاتهم.
يقول المبتعث عمار العجلان إن "صيام رمضان خارج أرض الوطن تحدّ له طعم خاص، فرغم الساعات الإضافية في وقت النهار، وافتقاد الأهل والأحبة، تبقى روحانية الشهر في تجمع مئات المسلمين في بيوت الله، إما للإفطار الجماعي، أو لأداء صلاة التراويح التي يصليها المسلمون من كل بقاع الأرض".
ويرى أن رمضان فرصة جميلة للتعريف بالإسلام بصورة معبرة وواقعية، حيث يتساءل كثير من غير المسلمين عن هذا الشهر، وحياة المسلمين فيه.
ويقول إن زملاءه وجيرانه أصبحوا يعرفون عن رمضان وعن الإسلام أكثر، ويحترمون حرمة الشهر بشكل لافت.
أما المبتعث مشاري ملفي الشمري فيرى أن "الدراسة متعبة في رمضان، خصوصا أن بعض الطلاب من الجنسيات الأخرى الأجنبية لا يعرفون شيئا عن هذا الشهر، ويندهشون عندما يعلمون أننا نصوم عن الطعام والشراب لمدة 19 ساعة متواصلة".
وأضاف أن "معاملة غير المسلمين للصائمين جيدة، خصوصا المدرسين الذين يتفهمون الوضع، ويلتمسون العذر لهم".
ويشتكي الشمري من بعد المسافة من منزله إلى أقرب مسجد لأداء صلاة التراويح، خصوصا أن الوقت بين صلاتي المغرب والفجر لا يتجاوز ست ساعات تمضي سريعا، وهو يفتقد طبق الشوربه التي كانت والدته تعده له على الإفطار، ويشتاق إلى صوت الأذان ومكبرات المساجد وقت صلاة التراويح.
ويتفق معه عبدالرحمن مفرح المالكي في افتقاد روحانية الشهر الكريم بسبب غياب صوت الأذان وتكبيرات صلاة التراويح، ويقول "أقضي يومي بقراءة القرآن الكريم، ومتابعة البرامج الحوارية السعودية، وإعداد الطعام"، مشيرا إلى أنه يحب الشوربه والخبز المعد في المنزل.
ويضيف أن "أغلب المبتعثين يقضون أوقاتهم في رمضان بين منازلهم والمساجد أو مكتبات الجامعات، أما أنا فأحرص على الاجتماع مع زملائي أو إخواني من المسلمين لتناول الإفطار".
أما أحمد إسماعيل حميد، فيقضي يومه في رمضان بمعهد اللغة في الصباح، وبقية اليوم بالمنزل، وتعجبه الشوربه والسمبوسه على المائدة، ويمارس رياضة كرة القدم برمضان.
ويعتقد أن أجواء رمضان في كندا قريبة من تلك التي بالسعودية، ولكن تغيب روحانية الشهر التي يجسدها صوت الأذان.
ويشتاق خالد وليد لحظة الإفطار مع عائلته التي اعتاد أن يجتمع معها على المائدة في رمضان، ولكنه يحرص على استعادة بعض الأجواء العائلية بمشاركة زملائه المبتعثين وجبة الإفطار.
ويرى أنه لا بد للمبتعث أن يستغل مرحلة الشباب فيقضي الشهر في طاعة الله عز وجل، فالأجر هنا مضاعف بحكم المشقة وطول ساعات النهار.