تغيب القيم والأخلاق والحقيقة وتغيب العدالة عندما لا يتفق اثنان عاقلان بالغان على ثابت واحد واضح أو على معادلة 1+1= 2!

تعلمنا أن الاختلاف لا يمكن أن يفسد للود قضية، وأنه أمر صحي ومنطقي يتطابق مع حياتنا البشرية ولا حرج فيه، في الرأي والرؤى ولكن عندما يكون في الثوابت فهذا يسمى انحرافا أو تحريفا وربما وعلى الأغلب تخريفا.

رغم كل ما تبثه القنوات الفضائية الكثيرة التي ابتلينا فيها في زمننا الحالي (وهي أصبحت أكثر من رواد الأسواق قبل رمضان) من النادر أن تجد صيغة واحدة لخبر (يخصنا كوطن عربي) تم تناوله أو تناقله بنفس الرؤية، فتجد هذه القناة تشخص الخبر على أن الظالم مظلوم، وأن المعتدي مجبور على أمره، فيما قناة أخرى تقلب الخبر بـ180 درجة في حين تميل ثالثة لتقف مع الظالم وتستعطف المشاهد معه، ورابعة تتهجم على المظلوم.. وخامسة.. وسادسة.. إلخ، وكل يغني على ليلاه.

الأحداث الساخنة في معظم أجزاء الوطن العربي للأسف أظهرت لنا عجائب الإعلام الذي ثبت بما لا يدع مجالا للشك أنه مؤدلج لا يعترف بالحقيقة مطلقا، وأنه لا يمكن أن يقف مع الخبر بصورته كما هي، إذا أردت أن تتأكد من صحة هذا الكلام فقط امسك الريموت وتنقل بين القنوات التي تغطي أوضاع العراق وسورية وليبيا واليمن ثم تنقل أيضا بين القنوات التي تدور في فلك إيران كالمنار والعالم والمسيرة ومعظم القنوات العراقية لترى العجب العجاب!

أصبح الإعلام في عرف هذه القنوات هو نقل الصورة كما يريد أصحاب ومشغلي هذه القنوات فالأبيض يقلب أسود، والأخضر يصبح أحمر، وتضيع الحقيقة والمشاهد، ويغرر بالصغار والكبار وتتم تعبئتهم من أجل نصرة ما تقدمه لهم القناة، فتتكاثر الخلافات وتكثر الحروب ويتجرأ الأخ على دم أخيه ويتبرأ الدين والأخلاق منا.. وحسبنا الله ونعم الوكيل.