يأخذهم الغرور دائما ويتملكهم العجب بالنفس طويلا وتكبر رؤوسهم كثيرا، يظنون بأنفسهم أكثر مما يستحقون فيصيبهم العمى، وتضطرب تصرفاتهم حين يتخبطون في خطواتهم وأفعالهم، فيضلون ويتيهون في الأرض.

صادفت من ذلك في حياتي كثيرا، ورأيت العجب العجاب من كثير من الناس، كبرت رؤوسهم من منصب بلغوه لأن أحدا لم يرض به أو لم يرغب الاستمرار فيه.

وبعيدا عن المناصب يظل الإنسان إنسانا بأخلاقه وإنسانيته وليس بشيء من تفاهات الدنيا ومغرياتها الفانية.

لا أدري كيف يفكر البعض وكيف تدفعهم أنفسهم لارتكاب حماقات تجعلهم فرجة للناس وأحاديث تجري بينهم، وكيف يصل الأمر ببعضهم إلى أن يستعظموا أنفسهم ويستصغروا الآخرين، ليفيقوا على حقيقة صادمة حين يكتشف الواحد منهم تلو الآخر أنه هو الصغير والوضيع وربما الذليل أيضا.

والأعجب من ذلك، أقوام حين يجلسون معك لا حديث لهم إلا في الناس، ولا عمل لهم إلا الكيد والمؤامرات، ولا تحلو لهم الحياة إلا بالتدخل في شؤون ليس لهم فيها شأن، أما ما يتجاوز حدود الأدب والاحترام والنظام ويزعج الجميع ويتعدى ضرره ليشمل القريب والبعيد، فإنهم يغضون الطرف عنه وتجدهم يستميتون في الدفاع عنه، وحين نبحث في الأسباب نجدها غير مقنعة أبدا.

هؤلاء نستغرب منهم حين نجدهم ينتشرون في الأرض ويرموننا بما يعملونه من شر وكيد وفتنة وحديث في الناس، والأغرب حين يرون أن لهم الحق في التدخل في كل شيء دون غيرهم، فلنكن على قدر من الشجاعة للمواجهة وتوضيح الأمور وإيضاح الحقائق. إن علينا أن نتيقظ لما يدور حولنا، وأن ننتبه إلى ألستنا وما يجري عليها من الكلام، وعلينا أن نتحقق من مدى ملاءمة ردود أفعالنا على كل فعل مستفز يصادفنا.

باختصار، من يتجاوز حدود الصلاحيات التي يمنحها له النظام يجب أن يُعاقب ويُردع، ومن يُطل لسانه يجب أن يُخرس، ومن يتعاظم ويرى أنه فوق الجميع يجب أن يُستصغر ويُحقر، ليعلم مكانته وقدره! ومن يطالب بتطبيق النظام وبالتعامل باحترام أحق أن يحترم أكثر ممن يخطئ على مجموعة من الناس له فيهم رحم وقرابة!

ومن يرخي مسامعه لطرف دون طرف ثم يذهب يستشيط غضبا ويفسد في الأرض بهتانا وزورا، ويتخذ هذا الأمر عادة وسلوكا فهو غبي وأحمق. فمن يتحدث بغير علم يجب ألا يُسمع له. ومن يرى أن له الحق المطلق في التحدث والتدخل في كل شيء وعمل أي شيء يروق له دون غيره فهو واهم أو مريض.

لا فضل لأحد على أحد إلا بما فضل الله به عباده على بعض، وغير ذلك ما من شيء أبدا. لا تمايز بجنس أو لون أو حتى جنسية، يكفي ذلك الألم الممتد شرقا وغربا، فقط فلنكن بشرا بعقل وإحساس ودم.