تتميز منطقة المدينة المنورة بروحانية واضحة حيث تستقبل منذ بداية رمضان عددا كبيرا من المواطنين من مختلف المناطق ومن دول عربية وإسلامية يأتون إليها لقضاء أيام عدة ليستمتعوا بروحانية هذه الأيام المباركة.
وفي المدينة المنورة عادات خاصة ومتميزة وصور جميلة حيث تتنوع فيها الصور الرمضانية والتي منها كثافة الحركة حول المسجد النبوي الشريف وحدوث تغيرات كبيرة في أوقات وأساليب الطعام والشراب وساعات النوم والسهر، إلا أن بعض هذه المظاهر اندثر تحت وطأة الحضارة، ومنها مسحراتي رمضان. ويقول العم محمد صادق أحد كبار السن بالمدينة المنورة: مما لا شك فيه أن لشهر رمضان المبارك روحانية عظيمة ولأيامه تميزا خاصا وطعما متفردا في كل المدن، ولكن في المدينة المنورة تتضاعف الروحانية والتميز بوجود المسجد النبوي الشريف وتوافد أعداد كبيرة من الزوار والعمار وقال البديري: إن لنا مع هذا الشهر ذكريات جميلة وإننا ما زلنا نتذكر الأهازيج الشعبية الجميلة التي كنا نرددها ونحن صغار قبل قدوم شهر رمضان وهي لوحة شعبية تجسد فرحتنا بهذا الشهر الكريم، حيث نجوب شوارع وحارات المدينة المنورة القديمة ونردد كلمات بسيطة ما زلت أذكرها وأحن إليها لأنها تذكرني بأول سنوات العمر وتذكرني بأصدقاء كانوا ورحلوا عنا.
ويتذكر البديري وهو يعيش ذكريات شهر رمضان كثيرا من المظاهر الرمضانية الشعبية القديمة التي قد يكون بعضها قد اندثر تحت وهج الحضارة ومن هذه المظاهر الرمضانية الشعبية الجميلة والتي اختفت منذ سنوات وتعد من مميزات هذا الشهر وهي "المسحراتي بطبلته الصغيرة" وكان لكل حارة وحي مسحراتي خاص يقوم في الساعات الأخيرة من كل ليلة من ليالي الشهر الكريم بجولة في نطاق حارته حتى لا يدخل في نطاق الحارات الأخرى ويحمل طبلته ليطرق عليها بدقات مميزة وينشد أهازيج جميلة بصوت شجي ينادي من خلالها المواطنين للقيام من النوم وتناول طعام السحور، وكان المسحراتي يقوم أحيانا بالطرق على أبواب بعض السكان لإيقاظهم من النوم ويقدم له الأهالي بعض النقود والطعام أو يدعونه لتناول السحور معهم ويستمر المسحراتي بأداء مهمته حتى آخر ليالي الشهر الكريم حيث يقدم له الأهالي "العيدية" وهي عبارة عن ملابس وزكاة الفطر وبعض المال إلا أن هذه الصورة انقرضت وأصبح الناس لا يحتاجون لخدمات المسحراتي حيث يواصلون السهر إلى الفجر.