قبل عقدين من الزمن تقريبا كنت في مهمة رسمية بالأردن الشقيق، وتعرفت في الفندق الذي أقامت فيه الوفود العربية -بما فيها الوفد السعودي- على عدد من الفلسطينيين الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية "عرب 48". تحدثت معهم في جوانب عدة من باب الفضول الصحفي.. حدثوني عن الجواز الذي يحملونه، والذي يسمح لهم بالسفر شرقا وغربا، بينما أقاربهم الذين يحملون الهوية الفلسطينية لا يستطيعون السفر لأي بلد عربي، فضلا عن أوروبا وبقية دول العالم. الشيء المفزع في حواري معهم والذي كتبت عنه فور عودتي هو إشارتهم إلى نية إسرائيل تقسيم الدول العربية إلى دويلات لحماية أمنها.. وقالوا إن تمزيق الكيانات العربية وتحويلها إلى دويلات سيتم من خلال استغلال "الطائفية" والنعرات الجاهلية لنشر القلاقل والفتن بمعاونة الحليف السري "إيران"، والحليف الكبير الذي يعرفه القاصي والداني، حينها لم أصدق هذه الروايات، وتوقعتها مجرد محاولات صهيونية لن يكتب لها النجاح، خاصة أن لغة الطائفية حينها لا تذكر في المجتمعات العربية، وتوقعت أن لدى العرب مساحة من الذكاء والخبرة السياسية والمخافة من الله لإبطال مثل هذه المحاولات الخبيثة. الآن أصبحنا نعيش الواقع الذي خططت له إسرائيل وأسهمت "إيران" في تحقيقه تحت مظلة "الحليف الكبير" -الولايات المتحدة- وببغاء وتبعية بني جلدتنا، وأصبح مستقبل العرب وعبر "الدواعش، القاعدة، النصرة، الحشد الشعبي، الحوثيين، حزب الشيطان، عفاش" معلقا بين قاتل ومقتول وتخلف ودمار وضياع.. فما الحل؟
الحلول كثيرة، أهمها إقصاء إيران من الساحة العربية بكل الوسائل، والعودة إلى حوارات العقلاء شريطة رمي السلاح، ووحدة صف عربي، أو... تقوقع كل بلد عربي والانكفاء للداخل إلى أن يخلصنا فاطر السماوات والأرض من الطائفية وأذناب البقر.