البنوك هي المكان الوحيد الذي يحفظ أموالنا بأمان ويسهل عمليات المصرفية والدفع والتحويل وخلافه، إلا أن علاقة العملاء بالمصارف والبنوك لا تخرج عن كونها مصلحة متبادلة يشوبها الحذر، ولن تجد شخصا عاقلا يحب البنك ويحب ارتياده، إلا فئة قليلة تعتبره حارسا على أموالها وتمنحه القليل من التقدير.

وحتى على مستوى موظفي البنوك أنفسهم، من النادر أن تجد موظفا بنكيا يحب عمله وتجد منهم الكثير من صغار الموظفين تحديدا يتحينون الفرص للعثور على وظيفة أخرى، على الرغم من ارتفاع راتب موظف البنك مقارنة بالقطاعات الأخرى، ولعل درايته المتسعة بتفاصيل العمل البنكي هي ما يحفزه على اتخاذ قرار الابتعاد عنه.

من الطبيعي أن لا يحب المواطن البنوك، التي تأخذ منه ولا تعطيه، وإذا أعطته يوما فإنها تستثمر عرقه لسنوات وسنوات، فهل سمعت يوما أن البنك الفلاني افتتح مدرسة أو أسهم في إنشاء مستشفى؟ هل تعرف بنكا يمارس المسؤولية الاجتماعية تجاه من يستثمر نقودهم ويستخرج منها رواتب موظفيه ومصاريفه وأرباحه؟

أعرف أن هناك من سيرصد مجموعة من الأعمال الخيرية أو الاجتماعية التي شارك بها هذا البنك أو ذاك، لكنك لو تأملتها لوجدتها لا تخرج عن زاوية الإعلان والترويج، وإذا كان "الذئب لا يجري عبثا"، فالبنك لا يعرف العبث أصلا، ويعدّ المشاركة المجتمعية ضربا من العبث.

لست اقتصاديا لأدعم هذه الحقيقة بأرقام أرباح البنوك السنوية وحجم استثماراتها بأموال العملاء، لكن يكفي أن نعرف أن معدل ربح البنوك السعودية اليومي يفوق 100 مليون ريال، وهذا يعني أننا أمام ماكينات استثمارية تأكل الأخضر واليابس، دون أن تترك أثرا سوى في معيشة المواطن.