مؤذية جدا تلك الأخبار عن أناس غير نزيهين بيننا حيث كشف "الربط الآلي بين الضمان الاجتماعي والتأمينات الاجتماعية وجود نحو 107 آلاف مستفيد من الضمان تبين أنهم موظفون وموظفات في القطاع الخاص، وشكلت النساء نسبة تزيد على 85% منهن سيدات أعمال لديهن سجلات تجارية، وموظفات بنوك وشركات ومؤسسات كبيرة مسجلات في الضمان الاجتماعي". من المفارقات أن يحدث هذا من أشخاص مسلمين يعلمون أن التعاملات المالية تقوم على مبادئ وقيم كبرى، بينما قام كل هذا العدد من المحتالين وبكل جرأة وثقة وعدم مسؤولية بالاحتيال لأخذ حق ليس لهم، فيما غيرهم أحق به منهم، بل يجب عليهم أن يشعروا بالعار والخزي لأن ما يصرف من مستحقات الضمان للمحتاجين ليس ثمينا لدرجة أن يتم سرقته ليصبح الذنب هنا أعظم وأشد.

الاحتيال والتزوير في عصر المعلومات لم يعد مقبولا بشكل من الأشكال، وفي حال حدوثه فإن الخطأ في الأشخاص الذين يديرونه وليس في النظام، ويجب أن تشعر الجهة التي حدث فيها هذا التجاوز الأخلاقي والمالي بالكثير من العار والخجل، كون هذا حدث في دائرتهم إذ لم يكن خطأ مع فرد أو عشرة بل أكثر من مئة ألف!

هذا ما يجب أن يقال في قضية الاحتيال هذه، التي مررت لعدد كبير من المحتالين بأنهم ليسوا وحدهم المسؤولين عن انعدام الضمير لديهم، بل هناك أزمة تعاط ومهنية على الجانب الآخر.

الجرأة والاحتيال على مؤسسة حكومية لها مكانتها مثل "وزارة الشؤون الاجتماعية" و"الضمان الاجتماعي" لم يكن المسؤول الأول فيها الأشخاص الذين ظلوا يحصلون على مستحقات الضمان كل هذه السنوات ولم تردعهم وخزة ضمير، لولا أن الربط الآلي كشف تلاعبهم لكان هناك المزيد ولكان هؤلاء ماضون بكل خبث فيما سولت لهم أنفسهم.

ماذا لو لم يكمن هناك رابط آلي؟ ماذا لو أن وزارة الشؤون الاجتماعية كانت أكثر حرصا وتدقيقا مثلما هي تقف بكل ثقة في وجه مئات الأرامل والمطلقات والأيتام وتسحب منهم مستحقات لهم لبند هنا أو هناك! بل إن عائلات بأكملها حرمت من أية مستحقات لأن هناك دخل لأحد الأبناء المعيل للأم، بل إن الكثير استبعدوا لأسباب إجرائية وهم في أشد الحاجة لمستحقات الضمان. أتساءل ما هذه اليقظة والمهنية والتدقيق على المستحقين الصادقين الذين تقدموا للوزارة ووكالة الضمان وافصحوا عن حقيقة وضعهم؟ بينما مئات العيون غضت الطرف ولم تتنبه لسيدات أعمال وموظفين أخذوا وبكل سهولة ما كان يجب أن يكون لغيرهم.