يوم أمس أحصيت أكثر من خمسة إعلانات لأكبر خمسة متاجر تجزئة في المملكة، كلها كانت في صحيفة واحدة. وكلها احتلت صفحة واحدة على الأقل. بالطبع ظهرت هذه الإعلانات في أغلب الصحف المحلية الأخرى.

تخفيضات منتقاة لعدد محدود من الأطعمة والأشربة التي يكثر تناولها وشربها في رمضان، مع التركيز على أنها فرصة يجب اقتناصها فورا! وكأنما تحول شهرنا الفضيل إلى شهر أكل وشرب وتخمة لا تنتهي، ناهيك عن الإعلانات الأخرى لأدوات القلي والطبخ وكل ما يتعلق بغريزة الأكل.. وكل هذا تأكيد على إصرارنا مسخ شهر القرآن إلى فرصة تجارية عابرة.

دون أن نغفل إعلانات القنوات الفضائية عن مسلسلاتها الحصرية التي أضحت أبعد ما يكون عن روح شهر الإمساك، بل تجاوز الأمر إلى إعلانات شاشات التلفزيون الضخمة، لكي تستطيع مواكبة ما يعرض من برامج ومسلسلات؛ من الممكن أن نستمر ببث الشكوى من هذا التسليع المتواصل لشهر الخير دون أن نقوم بشيء إيجابي تجاه هذا الخط التجاري المتصاعد، بيد أن الخطوة الأولى تبدأ في منازلنا نحن.. حينما نستشعر الشهر الفضيل بجوانبه كافة، فهو شهر الصوم لذا يفترض أن تقلّ كمية الطعام اليومي لا أن تتضاعف كما يحدث حاليا، وهو شهر قراءة القرآن وتدبره، وهذا يعني أن نستقطع وقتا كافيا لكتاب الله لا أن يضيع وقتنا في متابعة تهريج القنوات وسخافات البعض، كما أن صلة الرحم والقيام بأعمال الخير تحتاج إلى العزيمة، والوقت أيضا الذي لا يجب أن يضيع في ما لا ينفع.

نعم لقد استطاع التجار تحوير شهر رمضان إلى موسم تجاري، لكننا نحن من يستطيع إيقاف ذلك، أو على الأقل نستطيع عدم التأثر بكل هذه الحملات الدعائية.. فقط لا تزيد من طعامك اليومي وابتعد قليلا عن الشاشة الصغيرة.