يعرّف بعض الباحثين اقتصاد المعرفة بأنه فكر وتراكم معرفي تظهر نتائجه مع مرور السنوات، حيث يشكل رأس المال البشري نواة الاستثمار في اقتصاد المعرفة، ويأتي ذلك في وقت يصل فيه اعتماد الناتج الإجمالي المحلي في المملكة على النفط إلى أكثر من 90%، وهو الأمر الذي سيؤدي لتفعيل استراتيجية التحول إلى اقتصاد ومجتمع معرفي الهادفة لتقليل الاعتماد على دخل برميل النفط وتحويل العقول إلى قيمة استهلاكية، وبحسب إحصائية أصدرتها غرفة الرياض أخيرا فإن 65% من الجيل الجديد سيعمل في وظائف لم يتم ابتداعها بعد، إذ إنها ستكون مرتبطة باقتصاد المعرفة، كما يوضح مؤشر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في المنطقة العربية أن نسبة النساء الباحثات في المملكة العربية السعودية تصل إلى 1%، وتشير الإحصاءات إلى أن الصرف على البحث العلمي يجب أن لا يقل عن 3% من الناتج الوطني لتأسيس اقتصاد معرفي على المدى الطويل، ومع تنفيذ الخطة الوطنية للعلوم والتقنية وصلت المملكة إلى 1,5% فقط في مجال الصرف على البحث العلمي حتى الآن، حيث يتجاوز ما تم صرفة على الخطة الوطنية للبحوث العلمية مليار ريال وتعتبر هذه الخطة مدخلا أساسيا للاستراتيجية الوطنية للتحول لاقتصاد المعرفة وهي الجزء التنفيذي منها.وحول ذلك يتحدث مستشار وزارة الاقتصاد والتخطيط والمنسق لمشروع الاستراتيجية الوطنية للتحول إلى اقتصاد ومجتمع المعرفة الدكتور أسامة المنصوري لـ"الوطن" أن الخطة التنفيذية للتحول إلى اقتصاد ومجتمع معرفي لا تزال مرفوعة لدى المقام السامي ولم يتم اعتمادها، وأن الخطة التنفيذية وضعت بالتنسيق مع الجهات المختلفة في القطاعين الحكومي والخاص ومؤسسات المجتمع المدني وتمت الاستعانة كذلك بجهات خارجية كمعهد التنمية الكوري، وذلك لتطوير الملف واستكمال الخطة، وعن طول فترة اعتماد هذه الاستراتيجية قال المنصوري: لم تكن الفترة طويلة، وعندما عرضت على المقام السامي كان هناك ملاحظات على الخطة حيث تم إعادة صياغة الاستراتيجية واستيفاء الشروط اللازمة لها ورفعت مرة أخرى، موضحا أن الاستراتيجية في مراحلها الأخيرة.وعما تشير له الاستراتيجية الوطنية لبناء مجتمع معرفي بما فيها الاقتصاد القائم على المعرفة بأن عام 2030 ستصبح خلاله المملكة مجتمعا معرفيا في ظل اقتصاد متنوع قائم على المعرفة، علق المنصوري قائلا: من المخطط لهذه الاستراتيجية أن تبدأ خلال العام الحالي لذا فنحن لم نتأخر فيها، وبحسب المنصوري سيراعى في هذه الاستراتيجية وجود قدرات بشرية منتجة وتعاون مع كل القطاعات وتوفير مستوى معيشي مرتفع لأن الاقتصاد القائم على المعرفة يحوّل المجتمع إلى مجتمع معرفي بما يضمن حياة كريمة للأفراد. من جهته، علق وكيل جامعة الملك سعود للدراسات العليا والبحث العلمي سابقا الدكتور علي الغامدي، على الموضوع قائلا: الاعتماد على النفط ليس في مصلحة الأجيال القادمة ومن الضروري إيجاد بديل للاقتصاد الوطني، حيث إن اكثر من 90%من دخل المملكة يأتي من مصدر واحد، ما يشكل خطرا على الاقتصاد ومستقبل الأجيال، والمملكة تدرك ذلك وبالتالي وضعت هذه الاستراتيجية. ونحن نملك المكونات والبنية التحتية اللازمة لاقتصاد المعرفة.وأضاف الغامدي: نحن تأخرنا كثيرا في مسألة التحول لاقتصاد معرفي ولكن نعتقد أن الاستراتيجية الوطنية للتحول إلى اقتصاد ومجتمع المعرفة التي تبنتها وزارة الاقتصاد والتخطيط كإعداد وبتوجيه من المقام السامي أتت كنتيجة لما بدأته الجامعات في المملكة منذ أكثر منذ سبع سنوات، مشيرا إلى أننا لا نعاني من مشكلة عدم فهم أو تعريف للاقتصاد المعرفي، إذ إن هناك مبادرات من الجامعات طبقت الكثير منها، وترجمت تلك المبادرات بمنظومة الابتكار التي نراها في عدد كبير من جامعتنا، وهناك تشجيع محلي لتحويل الفكرة إلى مخترع ومن ثم إلى ناتج يكون له قيمة في الاقتصاد الوطني ويظهر ذلك جليّا في إيجاد مراكز الابتكارات في الجامعات، إضافة إلى جهود مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهوبين التي لها نشاط في هذا المجال، وجهود مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية فيما يتعلق بالاقتصاد المعرفي، مبينا دور الخطة الوطنية للبحوث العلمية التي صرفت المملكة عليها ما يتجاوز المليار ريال، وذلك تحت مظلة مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية وبمشاركة جامعات المملكة وبعض الجهات الحكومية التي تعتبر مدخلا أساسيا للاستراتيجية الوطنية للتحول لاقتصاد المعرفة وهي الجزء التنفيذي منها، كما أن تلك الجهود كلها بدأت قبل أن تبدأ وزارة الاقتصاد والتخطيط بوضع الاستراتيجية الوطنية لاقتصاد المعرفة، ولدينا في المملكة موارد بشرية ضخمة في الجامعات والمؤسسات البحثية، وأيضا في برنامج لابتعاث ضخم يضم أكثر من 150 ألف طالب وطالبة وهو أهم مكونات الاقتصاد المعرفي.