"صروح إسطنبول" رواية بوليسية شيقة للأديب التركي "أحمد أوميت"، تأخذك في رحلة متلاحقة بين ماضي إسطنبول العريق وحاضرها المهيب، وتسلط الضوء على أهم مراحل تطور المدينة وتوسعها.

هذه الرواية وبعد نجاحها بلغتها الأم وهي اللغة التركية، قامت وزارة الثقافة والسياحة التركية على الفور بتلقفها وتبني مشروع ترجمتها إلى لغات حية عدة، ومنها اللغة العربية، بحيث تتحمل الوزارة تكاليف الترجمة وتتشارك تكاليف الطباعة والتوزيع مع دور نشر متنوعة حول العالم.

ولك أن تتصور وبعد أن تتلاحق أنفاسك ما بين معبد بوسيدون، وعمود قسطنطين، إلى جامع أيا صوفيا، وقصر توبكابي، حتى تصل إلى جامع الفاتح؛ تمسي كما لو كنت في جولة سياحية على أهم معالم تاريخ المدينة التي تتوزع بين قارتين، فضلا عن الإشارات الثقافية للمورث والفلكلور التركي، إضافة إلى الأطباق الشهية للمطبخ التركي اللذيذ.

540 صفحة من الإثارة والفائدة الممزوجة بشيء من التسويق لمدينة تستحق أن تزار لمرة واحدة على الأقل، والحقيقة أن "أوميت" استطاع أن يجعلني أعيد النظر لزيارة هذه المدينة العريقة مرة أخرى، رغم أنني سبق أن زرتها أكثر من مرة، ولكن دون أن أهتم بتلكم المعالم والشواهد التي أضحت تنبض بالحياة أمامي كما لو كنت أقف أمامها الآن.

البعض يشير إلى أن كتابات "أوميت" قد تكون مشابهة لأسلوب "دان بروان" أو حتى "ستيفن كينج"، لكن هذا الأمر لا يهم، لأن هدف أي رواية هو تقديم المتعة السردية على طبق من البلاغة والأسلوب السلس، وهذا ما تحقق بنجاح تام في رواية "صروح إسطنبول".

لطالما كانت الرواية نافذة نطل منها على ثقافات شعوب الأرض، واليوم يبدو أنها تحولت إلى إحدى قنوات التسويق السياحي، فلم لا تتشجع وزارة ثقافتنا وإعلامنا لتقوم على ترجمة شيء من إبداعنا الأدبي شرط أن يكون مدخلا للتعرف على إنسانية مدننا وشواهد حضارتنا؟