تترك الغربة آثارها الجلية على الأرواح، وتترك من يعانون منها في رحلة بحث دائمة عن الأشياء الجميلة التي يفتقدونها، سواء كانت غربتهم قسرية أو مجرد هروب من آلام أثخنت أوطانهم ليجدوا أنفسهم في خضم حنين مؤلم وموجع من نوع آخر تفرضه الغربة وتغذيه الذكريات للوطن حتى في وجعه وآلامه.
هذا هو المحور العام الذي يلملم القصائد الثلاثين التي تطرحها الشاعرة العراقية سعاد العتابي المغتربة في مانشستر الإنجليزية في مجموعتها الشعرية الأولى التي حملت عنوان "تراتيل قمر" ووقعت في 144 صفحة من القطع المتوسط وصدرت عن دار المختار للنشر والتوزيع في القاهرة قبل أيام.
قصائد "تراتيل القمر" جاءت نثرية تحكي عن الوجع والحنين إلى الوطن الأم العراق، والالتصاق الشغوف بيومياته وتراتيله.
ويضم الإصدار إضافة إلى القصائد دراسة نقدية شاملة حول "سيمائيات اللفظ وبلاغته صانعا صورة أدبية مبتكرة محققة الجذب والتأثير.. في قصائد ديوان تراتيل قمر" للناقد المصري مختار أمين، الذي يصف قصائد الديوان بأنها "تعبّر عن مدى الوحشة للوطن الأم العراق، بعد أن تركته الشاعرة، فجاءت أصوات عذاباتها من خلال أشعارها تحكي معاناتها بلغة رمزية وإسقاط بلاغي بصور شعرية عالية الجودة، مجسّدة للفقد المتعدد المتوالي، ففيها تسقط كل شيء مفقود لديها، على كل شيء مفقود، كما تكشف فيه عن نفس رقيقة تتشوّق وتتقطع ألما على الوطن المفقود المغتصب.