يوجد كثير من العائلات السعودية في دول الابتعاث، منها العائلات التي تنحدر من منطقة جازان، إذ نقلت هذه الأسر بعضا من تقاليدها الخاصة بالشهر الفضيل إلى هناك ليس بقصد الترويج لها، بل لأن هذه التقاليد تناسبهم كثيرا ويتمسكون بها حتى لو بعيدا عن أرض الوطن.
ولا يتوقف الأمر عند ذلك، بل إن كثيرا من الطلاب اعتادوا تناول أكلات شعبية جديدة لم يعرفوها من قبل، على الرغم من أنها سعودية، فهناك طلاب من المناطق الجنوبية اعتادوا تناول الأكلات الغربية، وكذلك طلاب من المنطقة الوسطى تذوقوا الأكلات الشمالية، وكل ذلك بحكم ما يفرضه عليهم الابتعاث من الاختلاط ببعضهم وتناول وجبة الإفطار في منزل أي من أصدقائهم. ويحافظ كثير من المبتعثين على تقديم أنواع معينة من الطعام في دول الابتعاث، ومنهم المبتعث إلى الولايات المتحدة ناصر شبير الذي أكد في حواره مع "الوطن" أنه يجتمع بأصدقائه وقت الإفطار ويحضرون الأكلات الشعبية التي تحضر في كل المناطق. وقال: "نحن مجموعة من الزملاء فينا من ينحدر من الجنوب وآخرون من غرب المملكة وآخرون من الشرقية، ونسعد كثيرا عندما نجتمع على سفرة رمضانية يعدها أحدهم، ولم نكن نعرف ما الأكل الذي يقدم إلينا، إلا أننا نكتشف لاحقا أنه من الوجبات الرئيسة على السفرة الرمضانية في المدينة المنورة أو الرياض أو القصيم أو حتى المنطقة الشرقية". وأضاف "بما أنني من منطقة جازان فلدينا طبق نقدمه منذ عشرات السنين، وهو المغش ويتكون من اللحم والخضار ويحضر في إناء من الحجر ويوضع في الفرن حتى يصبح على شكل مرقة، ونقدم معه اللحوح وهو خبر أسمر رقيق جدا، ولا أنسى وجبتي المفضلة على السحور وهي المرسة وهي عبارة عن مزيج من الخبز المعد بالدقيق الأبيض وفاكهة الموز ويغطى بالسمن والعسل". أما المبتعث محمد القشيش الذي يحضر الدكتوراه في العلاج الطبيعي والتأهيل الطبي وهو أيضا محاضر في جامعة جازان، فأكد أنه حول منطقة معينة في منزلة إلى مزرعة صغيرة يزرع فيها بعض الخضار المستخدم في الأكلات الشعبية الجازانية. وقال "في العادة أرجع إلى المنزل في الوقت الذي تجهز فيه زوجتي مائدة الإفطار، ولدي حديقة زرعت فيها بعض النباتات الصغيرة التي أجني منها بعض المحاصيل الخاصة بالأكلات الشعبية، فأطمئن عليها وأسقيها".
وعن الأكلات التي يتناولها المبتعثون في رمضان، قال محمد "إن أغلب الطلاب متمسكون بعاداتهم وتقاليدهم، خصوصا المتزوجين منهم، فالبعض لا يستطيع تجهيز سفرة كتلك التي في بلدنا، ولكننا نحاول أن نجهز سفرة تقليدية وقريبة من التي اعتدنا عليها".
وأضاف: أغلب الأندية الطلابية السعودية تسهم في تجمع الطلاب ومشاركتهم، وهذا أمر جميل خصوصا في بلاد الغربة، أما الأكلات الشعبية فالأمر يعود إلى الشخص نفسه وإمكان إحضار مقاديرها الخاصة من أرض الوطن، وبالنسبة لي فإن سفرتي الرمضانية لا تخلو من الأطباق الجازانية".