قبل أن يبدأ كرنفال المسلسلات السنوي على القنوات العربية، أستطيع أن أراهن مطمئنا على أن جميع الأفكار الناجحة والواقعية والقابلة للنجاح والرسوخ في ذهن المشاهد؛ قد هرب منها صناع الدراما العرب هربهم من الأسد!
لن تروا أبدا مسلسلا اسمه "داعش"، يتناول ظاهرة هذه الجماعة الغريبة العجيبة التي تعطي قصصا أبعد من الخيال تكفي الفنانين في العالم للاقتيات عليها لقرون، كوميديا وتراجيديا.
لن تروا مسلسلا اسمه "رجال حول القذافي" عن كتاب
عبدالرحمن شلقم وزير خارجية ليبيا ومندوبها السابق لدى الأمم المتحدة، الكتاب المترع بالقصص التي تشبه قصص ألف ليلة وليلة، وفيها من المضحك المبكي كثير.
لن تشاهدوا مسلسلا اسمه "البراميل المتفجرة" يتناول هذا الاختراع القمعي الظالم، لكن سترون مسلسلات تاريخية تتحدث عن ألف سنة سابقة، مع محاولات إسقاط ساذجة تنطبق على أي إنسان في أي فترة في أي مكان، مع محاولات تنوير كاذب، وتزوير واضح للتاريخ دون "فن" يكفي لغفران اللعب بالتاريخ.
سترون مسلسلات اجتماعية مبالغا فيها من كل النواحي، لا تلبي حاجة المشاهد، لا تسعده، ولا تمتعه..
لا يوجد في العالم قصص تستحق الكتابة عنها كما يوجد في عالمنا العربي اليوم، فنحن قصة العصر الحديث، نحن "حدوتة" هذا الزمن ولكننا لا نحسن أو لا نريد كتابة قصصنا الحقيقية، نذهب إلى أقصى حجرة في بيت الخيال العتيق هاربين من النجاح. وبعد ذلك يتغنى الكل بالواقعية.
أيها الأحبة: إن أي قصة من قصص مصاصي الدماء السينمائية أكثر واقعية من واقعيتكم.