فن الحكاية يتغلغل لأعماق النفس الإنسانية لأنه يعبر عن حاجاتها، ويحاكي الواقع بآماله وآلامه، ويرصد أحداث المجتمع وصراعاته، فالنفس تتوق لسماع القصة ومتابعة أحداثها، لأنها ذاكرة لواقعة حاصلة في زمان ومكان محددين وهذا ينطبق على السرد الواقعي.
القاص معيض عبدالله في مجموعته القصصية "فراغ المكان" يتجه نحو الحلم في توصيفه للحالة التي يسردها لأن لا سلطة لأحد على الحلم.
وهذا ما يؤكده نص "أنفاس البرد" حيث يبيّن سطوة الواقع المعاش ودوره في تبخر الأحلام.
"من ينسج على قطرات الماء أحلامي. إإإيه.. يا أنت.. أيقضني من أوهامي جاوبني"، وفي نص "صور قديمة" يرصد قفر المكان المحاصر بالجوع والبرد.
"طرقات حجرية ضيقة.. صراخ أطفال جياع خلف أُمهم الذابلة والمنهكة".
ويعود القاص في نص "فكرة" إلى الحلم وتداعياته وسيطرة السوداوية على تفاصيل المكان.
"لّوحت بيدي في أرجاء الكون، ارتد صدى أحلامي من عينيَ طفل نبت فيهما اللون الأسود".
ويسرد القاص في نص "حافلة البلد" وصف عالمين متباعدين الأموات في مقابرهم، والأحياء الأموات في شوارعهم.
"ساقتني قدماي إلى مقبرة مجاورة.. المكان موحش، فوضى من العظام. غصت داخل الزمان. أحاط بي أنين الأرواح وحديث الموتى.. خرجت من عالم الأموات إلى عالم الأحياء.. فتحت عيني المرهقة ببطء.. لمحت زوجتي وضعت قطعة قماش باردة على جبيني.. آآآآه الحمد لله إنها تمتمة وهذيان الحمى، قالت زوجتي".