ساقتني سلسلة حلقات الأستاذ الدكتور عبدالله بن أحمد الفيفي (العابثون بالتاريخ) في (ثقافية) الجزيرة، إلى العودة إلى قراءة المداخلات التاريخية والجغرافية والعقدية التي تفضح وتعري كتب ومؤلفات المؤرخ اللبناني أميركي الجنسية (كمال الصليبي)، وبالذات ما قام بإعداده الأديب (محمد عبدالله الحميد) في مؤلفه (افتراءات الصليبي) وقراءة ما نهض به الباحثون في علم الأديان والجغرافيا التاريخية، حول آراء الصليبي الواردة في كتبه (التوراة جاءت من جزيرة العرب، خفايا التوراة وأسرار إسرائيل، حروب داود)، وكم تمنيت أن يضم كتاب الأستاذ الحميد في طبعة قادمة الحلقات والمكاشفات والقراءات التفكيكية للدكتور الفيفي، المستحضرة لشروط المنهجية العلمية والمنطق المستقيم مع العقل، وحقائق التاريخ الدامغة والمناقضة لتلك التمثلات القسرية والاعتسافية الغارقة في الزيف والركاكة، والتهافت والتعمية والتحريف والأوهام، والهوس والتأويل الساذج، يقول الدكتور الفيفي تعليقا علي قصة يوسف -عليه السلام- حين قال الصليبي: "قبض إخوة (يوسف) علي أخيهم في (الدثنة) في جبال (فيفاء) وباعوه لقافلة تجار متجهة إلي (مصر - مصرايم) بين أبها والخميس"، ويعلق الدكتور الفيفي: "انظر أيها القارئ حاضر الذهن إلى هذا المرعي الواسع الشاسع الذي يشمل ما يسمي اليوم منطقتي (عسير) و(جازان) معا!، لقد كان هؤلاء العراجل من إخوة يوسف يسرحون غنمهم صباحا من (القنفذة) فيصلون بمرعاهم إلى (رجال ألمع) ثم إلى (الدثنة) في فيفاء، فيطوفون من القنفذة إلى (المجاردة) إلى جبال فيفاء، مرورا بـ(الكشمة) في رجال ألمع، كل ذلك في يوم أو بعض يوم"، ويواصل الدكتور الفيفي في حلقاته توصيف ما وقع فيه الصليبي من عبث ومغالطات واختلالات، واستهجان لكل تلك الطروحات والانهدامات المروعة، التي وقع فيها الصليبي والذي أجرت معه مجلة (النهار) اللبنانية حديثا مطولا قبل وفاته كان أبرز ما فيه وأطرفه تأكيده أن (سليمان الحكيم) -عليه السلام- (عسيري ابن عسيري)، على حد تعبيره، لقد اعتمد الصليبي علي مطابقات وتحريف الأسماء العبرانية للمدن الفلسطينية من ناحية، والمواقع العسيرية من ناحية أخري، لكي تتقارب مع بعضها دون أي اعتبار للحقائق التاريخية المدعمة بالوثائق الأثرية والمستند العلمي الذي لا يقبل الشك مع الاعتماد علي التوراة المحرفة كسفر التكوين، والذي أضعف القيمة التاريخية لنظريته، قال تعالي في سورة البقرة {فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون}، وقال تعالي في سورة آل عمران {وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون علي الله الكذب وهم يعلمون}.