مفردة المزاجية في ذاتها سلاح ذو حدين، فكيف إذا اقترنت بالمبدع؟ فتارة يوصم بها انطلاق بصره وبصيرته إلى ما وراء الأفق، وتارة يراد بها عبثه وعشوائيته وعدم انضباطه، وعلى هذا تتأسس نظرة المسؤول إليه عند الرغبة في تحريك المشهد الثقافي، أو إعادة صياغة ورسم ملامحه، ولقد سمعنا كثيرا عن مزاجية المبدعين وطقوسهم الغريبة العجيبة، بل لقد صنفت في وصف تلكم المناقب غير المتوقعة كتب وسطرت مقالات، لكننا اليوم وفيما يتعلق بالمؤسسة الثقافية التي يناط بها قيادة الثقافة والارتقاء بها إلى مصاف سامقة لا نرجو لها أن تتصف بالمزاجية كذلك، فعلى الأبواب انتخابات جمعية المسرحيين السعوديين، هذه الجمعية التي ظلت منذ تأسيسها تئن تحت وطأة التهميش وقلة الدعم، بل وعدم الاعتراف بها بوصفها منجزا ثقافيا ذا شأن، ولكم سمعنا وقرأنا وشاهدنا رئيسها المنتخب الأستاذ أحمد الهذيل وهو يرفع عقيرته مناديا أهل الحل والعقد بالالتفات إلى هذا المكوّن الثقافي والنظر إلى حاله المتردية، فلقد وُلد مريضا يعاني الفقر ويترنح من شدة العوز مهما تبدى سمينا ذا ورم.
غدا هو موعد انتخابات مجلس إدارة الجمعية "الحلم"، وهناك، كما يتناقل الرواة، ثلاث مناطق "مسرحية" مهمة لم يرشح منها مسرحي واحد على الرغم من سيطرة المناطق الثلاث فنيا وإداريا، وبعض الامتعاض نسمعه في الأرجاء المحيطة، وعلى الرغم من ذلك فإننا نأمل أن نرى ونلمس فعلا حقيقيا للمجلس المنتخب الجديد، نقول ذلك ونحن نعلم أن المقدرات شحيحة، ومظانّ التعلّم شبه نادرة، ناهيك عن محاضن التدريب التي نخجل من عدم وجودها لولا بعض النشطاء المهتمين كمركز أحمد باديب في جدة، نرجو للمجلس تنوعا جيدا على الرغم من محدودية المناطق، لكننا لا نزال نحيا بالأمل فنتوقع صيغة إدارية مختلفة تأخذ بأيدي النجوم من المواهب المسرحية والإبداعية التي تمتلئ بها جغرافية وطننا الغالي، وتكتظ بها مقاطع "اليوتيوب".
وبالعودة إلى المزاجية التي استهل بها المقال نذكر أن المجلس السابق بذل وحاول على الأقل فيما ظهر لنا من أنشطة وبرامج خاصة في مستهل عمله قبل أكثر من ثلاث سنوات، لكن الأمر بدأ يخبو شيئا فشيئا حتى أصبح هشيما تذروه الرياح، ولعل الحجج مقنعة لمن سبر أغوار المؤسسة فلا يلام المرء بعد اجتهاده، وإننا لنتائج الانتخابات المنتظرون شرط أن تتنازل المؤسسة الأم عن مزاجيتها المرعبة.