لم تكد تمض ساعات قليلة على إعلان مندوب الأمم المتحدة إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، انتهاء مشاورات جنيف دون نتيجة، حتى سارع المتمردون الحوثيون المدعومون بفلول الرئيس المخلوع، علي عبدالله صالح، اعتداءاتهم على المدنيين في كثير من المحافظات والمدن اليمنية، ورد عليهم مقاتلو المقاومة الشعبية بمزيد من الصمود والاستبسال في الذود عن الوطن، ولقنوا الانقلابيين دروسا قاسية في التضحية والفداء وأرغموهم على التراجع في كثير من المواقع بعد

أن كبدوهم خسائر فادحة في الأرواح والمعدات العسكرية.

ودعما للمقاومة الشعبية، قامت قوات التحالف العربي بإنزال كميات كبيرة من الأسلحة للثوار في مدينة تعز، لمساعدتهم في التصدي لقوى الانقلاب والتمرد.

يأتي ذلك فيما جددت طائرات التحالف العربي الذي تقوده المملكة غاراتها على كثير من مواقع الإرهابيين في المدن اليمنية، وأشارت مصادر محلية إلى أن أعمدة الدخان شوهدت ترتفع عالية فوق المناطق التي استهدفها القصف. كما سمع دوي انفجارات ضخمة استمر لوقت طويل بعد توقف الغارات، ما يؤكد أن المواقع المستهدفة كانت تستخدم لتخزين الأسلحة والمتفجرات.

قصف التمرد للمدنيين

ففي تعز، اندلعت مواجهات عنيفة بين مقاتلي المقاومة الشعبية والانقلابيين، وأشارت مصادر إلى أن اشتباكات دارت في محيط مقر حزب المؤتمر الذي يرأسه المخلوع علي عبدالله صالح، وبات الحوثيون يتخذونه ثكنة لهم. كما شنت مليشيات التمرد قصفا عشوائيا مكثفا على أحياء عدة سكنية في المدينة، طال منازل ومستشفيات ومدارس قرب قلعة القاهرة، إضافة إلى مئذنة مسجد الأشرفية التاريخية. وشمل القصف كذلك فندق مأرب في جبل الإخوة، وشارع 26 حيث أسفر عن تدمير منزل واشتعال النيران فيه.

إلى ذلك، قصفت ميليشيات التمرد أمس بالمدافع والصواريخ أحياء الروضة، وعصيفرة، وجبل جرة، وكلابة. وبث ناشطون يمنيون صورا تظهر النيران وهي تشتعل في مبنى بحي الروضة.

وأشارت مصادر ميدانية إلى أن قوات التحالف العربي أنزلت أسلحة جديدة لقوات المقاومة الشعبية التي تتلقى تدريبات عسكرية في ريف تعز. مشيرة إلى أن طائرة إمداد تابعة للتحالف نفذت فجر أمس عملية إنزال لأسلحة في مديرية التعزية المحاذية لشرعب السلام، حيث يتم تدريب معارضين لقوات الحوثيين وصالح لتعزيز جبهات القتال الدائرة منذ ثلاثة أشهر. وقالت مصادر ميدانية إن الأسلحة التي حصل عليها الثوار تعد نوعية، وسوف تدعم قدرتهم على الصمود والمقاومة.

واستمرت قوات صالح في القصف على حي الجمهوري وحي الهوة والمدينة والروضة وبشكل جنوني، فيما تسيطر المقاومة على المواقع التي حررتها الأسبوع المنصرم.

وعلى الصعيد الميداني واصلت اليوم قوات المجلس العسكري، مدعومة برجال المقاومة الشعبية دحرها مليشيات الإرهابيين وتقدمها باتجاه المدينة في منطقة الضباب غرب تعز.

معارك عنيفة

أما على صعيد محافظة الضالع، فقد اندلعت اشتباكات في وقت مبكر أمس في محيط مقر القوات الخاصة الموالية للمتمردين في مديرية سناح بمحافظة الضالع. كما انفجرت سيارة ملغمة أمس في مقر للمتمردين بمنطقة الدائري، محافظة إب، وسط اليمن، ما أسفر عن قتلى وجرحى منهم، حسب سكان. وفي مديرية أرحب، شمالي العاصمة صنعاء، لقي 16 من ميليشيات التمرد مصرعهم وأصيب آخرون في هجوم شنه الثوار.

وفي مديرية المسيمير، تصدت المقاومة الشعبية لعناصر من الميليشيات الحوثية التي حاولت التسلل إلى عاصمة المديرية، وأرغمت المتسللين على التراجع بعد أن كبدتهم خسائر كبيرة تمثلت في ثمانية قتلى و17 جريحا.

أما على صعيد عدن، فقد تعرضت المدينة فجر أمس إلى قصف عنيف من ميليشيات الانقلابيين. وقالت مصادر إعلامية إن مناطق سكنية في أحياء الممدارة، وعبد القوي، والبساتين في ضواحي عدن الشمالية، تعرضت لقصف بصواريخ الكاتيوشا من قوات جماعة الحوثي والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح.

وجاء القصف في وقت قال فيه مصدر من المقاومة الشعبية إن الثوار أحرزوا تقدما بعد أن سيطروا على مفرق "عمران-الوهط" غربي المدينة، بعد معارك ضارية مع القوات المتمردة على الرئيس عبد ربه منصور هادي.

كما تمكنوا من التقدم في منطقتي دار سعد وجولة الكراع على طريق عدن لحج شمالي المدينة، وفقا للمصدر نفسه. وتحقق هذا التقدم في وقت قصف فيه طيران تحالف إعادة الأمل تجمعات ومواقع المتمردين في مناطق شمالي عدن بينها جعولة وبئر أحمد.

خسائر المتمردين

إلى ذلك كشف مصدر إعلامي مطلع أن خسائر الانقلابيين في جبهة مأرب زادت خلال اليومين الماضيين بصورة كبيرة، مشيراً إلى أن 38 متمردا سقطوا قتلى وأصيب آخرون في المواجهات الشرسة التي تشهدها المحافظة. وأضافت المصادر أن المتمردين تكبدوا كذلك خسائر كبيرة في المعدات العسكرية في مواجهات عنيفة على مدى يومين. وتابع المصدر بالقول إن مواجهات عنيفة شهدتها منطقة الجفينة غربي مأرب. وإن الثوار استولوا على عربة كاتيوشا، وطقمين، ومدرعتين، وأربعة معدلات، وعربة مدرعة، ورشاشين، كما أحرقوا كثيرا من الآليات العسكرية التابعة للتمرد.

وفي عدن، أكدت مصادر طبية مقتل وإصابة 100 شخص في قصف عشوائي للإرهابيين، استهدف أحياء سكنية في المدينة، مشيرة إلى أن 12 شخصا قتلوا وأصيب 88 آخرون، بينهم نساء وأطفال، في قصف لميليشيات الانقلابيين، استهدف الأحياء السكنية في منطقتي المنصورة ودار سعد.

وفي محافظة البيضاء، لقي 20 متمردا مصرعهم في هجومين، أحدهما بسيارة مفخخة في منطقة مكيراس، أسفر عن مقتل 13 وإصابة آخرين، فيما قتل 7 آخرون في هجوم للمقاومة الشعبية في منطقة العريف بمديرية الطفة في المحافظة نفسها.

غارات مكثفة

في غضون ذلك، شن طيران التحالف الذي تقوده المملكة سلسلة غارات على مواقع وتجمعات للحوثيين وقوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح في عدد من المحافظات اليمنية.

ففي صنعاء، شملت الغارات معسكر قوات الاحتياط، جنوب العاصمة، إضافة إلى تجمعات في منطقة خولان الطيال. كما قصف الطيران تجمعات للحوثيين في مناطق مختلفة من محافظة صعدة، مثل منطقة رازح، والملاحيط، والمنزالة، وكذلك منطقة ميدي والمزرق في محافظة حجة الحدودية.

وقال سكان إن القصف شمل مواقع قوات الحرس الجمهوري المتحالفة مع جماعة الحوثي، وإنهم سمعوا ثلاث غارات جوية على معسكر السودا بجنوب صنعاء حيث يوجد مقر القوات.

استهداف مخازن الأسلحة

كما شن طيران التحالف العربي غارات مكثفة على جبل نقم بالعاصمة اليمنية. وقالت مصادر إن الغارات استهدفت مخازن سلاح في المنطقة، إضافة إلى مواقع عسكرية تابعة للقوات الموالية لصالح. مشيرة إلى أن 24 متمردا حوثيا قتلوا في قصف لطائرات التحالف على منطقة الوهط ومحيط مدينة عدن، بالتزامن مع هجمات شنتها القوات الحكومية والمقاومة الشعبية.

كما أفادت تقارير بشن ثلاث ضربات جوية على منطقة خولان جنوب شرقي صنعاء، وست ضربات على معسكر للواء 115 منشأة بمنطقة الحزم في محافظة الجوف، وثلاثة مواقع أخرى للحوثيين على مشارف مدينة عدن بجنوب اليمن.

وفيما قال المتمردون إن تسعة مدنيين قتلوا في ضربات جوية على منطقة رازح في محافظة صعدة بشمال البلاد وهي معقل تقليدي للحوثيين، أكدت مصادر من داخل المنطقة أن قتلى الانقلابيين نتيجة للقصف بلغ 29 قتيلا وأكثر من 80 جريحا.

وكانت مقاتلات التحالف أغارت في وقت متأخر ليل أول من أمس على مواقع تابعة للمتمردين في محيط مطار صنعاء الدولي. وقالت مصادر إعلامية إن الحوثيين والموالين لهم أطلقوا المضادات الأرضية في محاولة لاستهداف الطائرات المغيرة. وكذلك أغارت مقاتلات التحالف صباح أمس على تجمعات لميلشيات التمرد في مداخل عدن الثلاثة الشرقي والشمالي والغربي. وأشارت مصادر المقاومة إلى أن عشرات القتلى والجرحى سقطوا وسط المتمردين. 




.. والحوثيون يميزون في التعامل حتى مع جثث قتلاهم


كشف قائد المقاومة الشعبية في تعز، الشيخ حمود المخلافي عن تمييز يمارسه الحوثيون حتى في جثث قتلاهم، مشيراً إلى أنهم لا يبدون اهتماماً لسحبها من مناطق القتال، ويرفضون حتى استلامها حينما تعاد إليهم. وأضاف في تصريحات صحفية أن أعداد القتلى وسط المتمردين تتزايد باستمرار. وقال "في حالات كثيرة يرفض الحوثيون استلام جثث قتلاهم وتبقى أياما ملقاة على الأرض، ومن منطلق التزامنا الأخلاقي والإنساني نسلم جثث القتلى من خلال الوسطاء. وهم يفرقون بين أنصارهم على أساس يتنافى مع المواطنة المتساوية، وقبل أيام عدة رفضوا استلام تسع جثث من قتلاهم، رغم أننا قمنا بنقلها إلى إحدى المناطق التي يسيطرون عليها، وبعد ذلك واضطررنا لنقلهم إلى مستشفى الثورة الحكومي، وقمنا بإعادة الاتصال بهم لتسلم جثث قتلاهم، ولكنهم قالوا إنهم يبحثون فقط عن أحد قتلاهم الذي ينتمي إلى أسرة مرموقة في صنعاء، وأن هناك علامة في وجهه. لم يسألوا عن الثمانية الآخرين وفي الأخير لم يأخذوهم ورجعنا ودفناهم، لدينا شهيد له ثلاثة أيام بجبل جرة شمال المدينة لم يسمحوا لنا بأخذه وكلما اقترب أحد أطلقوا عليه النار.

وأكد المخلافي أن معنويات المتمردين تتراجع بصورة يومية، مشيرا إلى أن قيادتهم تعيش حالة انهيار وصدمة، وأنها اعترفت بأن الخسائر التي تلقتها جماعتهم في تعز تفوق ما حدث لها في كافة جبهات القتال الأخرى.

وأكد المخلافي حدوث خلافات واسعة بين المتمردين الحوثيين وقوات الحرس الجمهوري، دفعت الأخيرين إلى الانسحاب من عدة مواقع في تعز.

وعن القصف العشوائي الذي يشنه المتمردون على المدن السكنية، قال "القصف العشوائي حيلة العاجز الفاشل وليس له تفسير غير هذا، والحوثيون جماعة غير أخلاقية احترفت ارتكاب الجرائم بحق الشعب، وها هم يعيدون ارتكاب تجاوزات كبيرة تمثلت في قطع الكهرباء والمياه، ومنع وصول المساعدات الغذائية والمشتقات النفطية، ولا يمكن أن نتوقع منهم غير ذلك.وعن وجود إيرانيين ضمن صفوف المتمردين الحوثيين، قال "قبل فترة قصيرة تأكدنا خلال المواجهات التي دارت في جولة القصر من مقتل إيرانيين على يد أحد الجنود، ولم نتمكن من أخذ جثثهم لأنهم نقلوها بسرعة إلى صنعاء.