يستقبل المبتعثون في الولايات المتحدة شهر رمضان بمشاعر وأجواء تختلف عما تعودوا عليه في المملكة، بداية من الأخذ بالرأي الشرعي القائل بضرورة اتباع المراكز الإسلامية في كل ولاية بما يخص إعلان رؤية هلال شهر رمضان التي قد تختلف عن المملكة، وانتهاء بأجواء الاحتفال بعيد الفطر المبارك بعيدا عن الأهل والأقارب.
وبناء على آراء كثير من المبتعثين الذين التقت بهم "الوطن" فإن أكثر ما يفتقده المبتعث في هذا الشهر بعد الأهل والوطن هي الأجواء الروحانية التي تتميز بها البلاد الإسلامية عامة والمملكة على وجه الخصوص. كما يفتقد المبتعث للمراعاة في أوقات العمل والدراسة خلافا لما يحدث من تعديل لأوقات الدوام الرسمي في الوطن بما يتناسب مع خصوصية الشهر الفضيل. ونظرا لكون شهر رمضان الكريم يحل في السنوات الأخيرة في فصل الصيف، يجد المبتعث في أميركا نفسه يبذل مجهودا مضاعفا، كون ساعات الصوم تكون أطول وقد تصل في أغلب الولايات إلى أكثر 16 ساعة يقضيها المبتعث في أروقة الجامعة بين حضور للمحاضرات أو أداء للمهمات والواجبات الدراسية.
كما يواجه المبتعثون تحديا في إدارة الوقت لمحاولة الجمع بين المهمات الدراسية والتفرغ لأداء العبادات في ليالي رمضان القصيرة من أداء لصلاة القيام والتراويح وقراءة القرآن الكريم. فغالبا، تنتهي صلاة التراويح في المراكز الإسلامية عند منتصف الليل ويبقى العبء على المبتعث في ترتيب وقت نومه ودراسته.
يقول هتان عارف، المبتعث لدراسة الهندسة المدنية في جامعة فيرلي ديكنسون في ولاية نيوجيرسي: "الوضع مختلف هنا فيما يخص شهر رمضان فالتوقيت يختلف كثيرا عن المملكة، وكذلك لا تسامح هنا مع أوقات الدوام، أما بالنسبة لي فالأمر مريح بعض الشيء إذ أنام بعد صلاة الفجر وأستيقظ بعد الظهر ثم أقوم بالدراسة وقراءة القرآن وبعدها أتجه للمحاضرات في الجامعة التي عادة ما تبدأ الساعة 6 مساء وتنتهي عند الساعة 9.30، وأفطر بالعادة داخل قاعة الدراسة بشرب القليل من الماء وتناول بعض التمرات". ويضيف هتان: "بعد المحاضرة أتجه مع بعض الأصدقاء لتناول وجبة أعددناها في المنزل أو في أحد المطاعم. ثم نشاهد بعدها بعض البرامج والمسلسلات التلفزيونية، وبعد ذلك نتجه إلى تأدية صلاة التراويح". أما ليلى التويجري المبتعثة في ولاية نيوجيرسي فأكدت أنها تحاول أن تعيش الأجواء الرمضانية كما هي في المملكة، قائلة: "بالنسبة لشهر رمضان أحاول قدر الإمكان توفير أجواء عائلية كما أجدها في بيتنا في السعودية من خلال إعداد بعض الأكلات الرمضانية التي في بعض الأحيان ندعو لها بعض الأصحاب".
أما عبدالله الغفيص الخالدي المبتعث لولاية نيويورك، فكانت له تجربة مميزة يشرحها بقوله: "في البداية، أول رمضان كان في أميركا لم يكن بالصورة المطلوبة لأنها تجربة جديدة بالنسبة لي وتعبت كثيرا بتنظيم الوقت. ولكن في السنة التالية نظمت برنامجي واستأجرت أنا وأصحابي شقة لتصبح كالديوانية التي تجمعنا على مائدة الإفطار والسحور بعد أن قسمنا جدول إعداد الوجبات علينا". ويضيف: "من أجمل ما أقوم به هو مشاركة المركز الإسلامي إفطارهم ومشاهدة المسلمين في بلاد الغربة نختلف في الأشكال والأعراق".
لكن عبدالله يعتقد أن الغربة تفقده روحانية رمضان، وقال: "نفتقد الروحانية والأجواء الرمضانية في بلاد الابتعاث ومهما حاولنا واجتهدنا أن نحاكي أجواء الوطن إلا أن الأمر مختلف تماما".