من يتصفح التاريخ الأوروبي وبالتحديد الحرب الطائفية التي استمرت لمدة ثلاثين عاما، بين أعوام 1618 و1648 سيجد أنه برغم أن الحرب كان ظاهرها صراعا طائفيا بين البروتستانت والكاثوليك إلا أن معظم الدول الأوروبية التي انضمت لهذا الصراع كان هدفها سياسيا بحتا تحت غطاء الدين، كان الغرض السياسي هو المحرك الأول لهذه الصراعات، وكانت شعارات الدين والطائفية مجرد وسيلة لتأجيج الصراعات وتحقيق الأهداف. سياسة الصراعات الطائفية لتحقيق أهداف سياسية، التي استمرت لمدة ثلاثين عاما وخلفت الكثير من الخسائر في الأرواح وأسهمت في التخلف الأوروبي في ذلك الوقت، هي نفس السياسة التي تنتهجها الآن إيران في المنطقة، تريد أن تؤجج الصراع الطائفي والمذهبي، وقد أشعلته في بعض الدول، تريد أن تواصل مسيرتها في تأجيج الطائفية، أن تشعل الفتن وتقترب من تحقيق الهلال الإيراني الذي أعلنه الخميني بأنه استمرار لنجاح ثورته في إيران وبأنه سيصدرها لدول الجوار، بدأها بحربه على العراق لمدة 8 سنوات ما بين 1980 -1988 الحرب التي راح ضحيتها أكثر من مليوني شخص من البلدين إيران والعراق.

 حاول أكثر من مرة تأجيج الشيعة بالبحرين على حكام البلاد وفي كل مرة يفشل، ويوهم شيعة البحرين بالمجد وهو الذي سيسحق حتى لغتهم ويحرق موائدهم ويجفف جيبوهم ويستأصل عروبتهم من أجل تحقيق أهدافه السياسية، كما يفعلها مع شعبه الإيراني الذي أصبح يعيش الفقر والعوز والبحث عن مجرد الأكل في واحدة من أكبر الدول المصدرة للبترول ولكنها أيضا من أكثر الدول المصدرة للفتن والحروب والكراهية، وما زرعها لحزب الله في جنوب لبنان إلا خطوة من خطوات تأجيج الطائفية في المنطقة، وإعلانها لدعم الحوثي وتسيير رحلاتها الجوية اليومية ما قبل عاصفة الحزم ما بين طهران وصنعاء، رغم عدم الجدوى الاقتصادية إلا أنها كانت مجدية لتحقيق أهدافها التخريبية.

خلال الخمسة والثلاثين عاما الأخيرة وإيران هدفها النهائي هو السعودية، وما زرعها الفتن في العراق وسورية ولبنان واليمن سوى طريق للهدف الأكبر، حاولت كثيرا أن تستغل وجود الشيعة في شرق السعودية، غررت ببعضهم ودعمتهم إلا أن أبناء الشرقية يعون تماما لعبة إيران السياسية، هذا الوعي هو دائما ما يخلط أوراق إيران ويجعلها ترتد وتحاول من جديد، آخر محاولاتها البائسة والعقيمة واليائسة هو أن تغرر بشاب صغير لأن يفجر نفسه داخل جامع لإخواننا الشيعة في القديح أثناء الركعة الثانية من صلاة الجمعة، طائراتنا تقصف أهدافهم في صعدة وصنعاء وكل مواقعهم في اليمن، وهم يرسلون شابا قد سلبوه فكره السوي وألبسوه ثوب الشهادة الوهمي وسيروه نحو أهدافهم الرخيصة المبنية على القتل والكراهية والأشلاء المتفحمة إثر انفجارات الأحزمة الناسفة، أهدافهم التي لا يهمهم كم من الدماء يجب دفعها لتحقيقها، المهم أن تتحقق ولتذهب أرواح الأبرياء والأطفال وحتى المستقبلين القبلة في صلاة جمعة إلى الموت.

محاولتهم الأخيرة لجر الوطن إلى فتنة الصراع الطائفي هي نفس الأسلوب الرخيص السابق وهو تفجير شاب لنفسه أمام جامع في حي العنود بالدمام بعد أن منعه الشهداء من الدخول وذهبوا ضحية لمخططات إيران التي تسعى لزرع الفتن في كل مكان وتخطط لتشغل الجميع بالحروب الطائفية كما أشغلتهم في العراق وسورية وتسعى بعد ذلك نحو هدفها لتحقيقه.

محاولتهم الأخيرة لم تزدهم سوى خيبة، ولم تزدنا سوى وعي ووحدة، كانوا يعتقدون بأن عملياتهم الإرهابية التي قاموا بها مؤخرا في بيوت الله كافية لإشعال الفتنة في الشرقية ولكنها كانت كافية لإشعال الوحدة الوطنية في الوطن بأجمعه.

 "ابتعد عمن لا يحب الخبز وصوت الأطفال" هكذا يقول المثل السويسري الأثير، وكأن هذا المثل يتحدث عن إيران، إيران التي تتحمل -مع داعش- مسؤولية جريمة قتل الطفل حيدر في القديح لأنها لا تحب صوت الأطفال، إيران التي اختارت شخصا بعناية في مسجد العنود وقتلته ليس لشيء سوى لأنه يحب الخبز وهي لا تحبه، قتلته لأنه يأكل ويفضل الخبز الجاف عندما يجوع.