افتتح نائب وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالله بن صالح الجاسر، أول من أمس، المعرض الـ15 "الله أكبر" للفنان ناصر الموسى بقاعة "نسما آرت" في جدة، واشتمل على 80 عملا تشكيليا تنتمي إلى الحروفية العربية وفق رؤية خاصة تميز أعمال الموسى الذي أشاد به الجاسر، مؤكدا أنه صاحب تجربة عريضة في الفن التشكيلي، وخبرات واسعة داخل المملكة وخارجها، وأن وزارة الثقافة والإعلام تدعم إبداعات الفنان السعودي حيثما وجد.
واستعمل كثير من التشكيليين الحرف العربي بشقيه "المفرد، والمركب" وما يمثله من طواعية وقابلية للتشكيل بما يتناسب مع المنجز البصري، موظفين ذلك كله في نصوصهم البصرية المعاصرة، متجهين وسط الاتجاهات العالمية المتنوعة إلى صياغة أعمال تتسم بالأصالة والمعاصرة في الآن ذاته، من خلال الاتكاء على حضور الحرف العربي حضاريا، واستثمار ذلك في تقديمه بصورة جمالية حديثة تليق بالفنان العربي، إيمانا بضرورة تحقيق هوية عربية وسط هذا الكم الهائل من الاتجاهات والتقنيات الغربية، وهذا ما يرومه الحروفي السعودي ناصر الموسى في تجربة حروفية تمتد لسنوات طويلة، واصل فيها العطاء والبحث والتجريب في كنه الحرف العربي، وفي خصائصه الفنية والتشكيلية والدلالية، للخروج بصيغ فنية مبتكرة، ومنجز يجمع بين الأصالة والمعاصرة.
والمتابع لتجارب الموسى التشكيلية يلحظ أن عشقه للحروفية العربية يكبر يوما بعد آخر، وتكبر مع هذا العشق تجربته، فبعد أن كانت حروفه صريحة في بدايات تجاربه الحروفية التي صنفها الناقد شربل داغر ضمن "اللوحة الحرف"، أصبح لها أصواتا مموسقة نستمتع بها عندما ننصت لها جيدا، إذ نجدها تتراقص على أنغام سمفونية حالمة تحيل الحروف إلى سلم موسيقي تتابع فيه النغمات صعودا وهبوطا، ويتحقق ذلك في تجربته "للحرف صوت" التي عرضها في معرض شخصي بالطائف، ثم تحوّلت هذه الأصوات إلى "همس" في تجربة ضافية أخرى عرضها في جدة تتجسد فيها الحروف وهي تتراقص على إيقاع حروف الهمس العشرة، وهي: "الهاء، والحاء، والخاء، والكاف، والشين، والصاد، والتاء، والسين، والثاء، والظاء"، كما في المحكم. ولأن الهمس يعني "الخفي من الصوت" عند ابن منظور، فقد كانت حروف الموسى في نصوصه البصرية مهموسة خفية لا يتذوقها إلاَّ من التصق بها وعاش تجلياتها.
أما في تجربته الأخيرة فنجد حروفه تردد "الله أكبر" في نصوصه التشكيلية المنفذة بخامات وتقنيات متعددة، وأساليب فنية معاصرة تدور مواضيعها ضمن إطار التكبير، وفق رؤية فلسفية تحيل النص البصري إلى روحانية تستطيل لتمتد إلى خارج إطار اللوحة، تسبح في الفضاء لتملأ المكان بتكبير يتردد صداه دون انقطاع في موازنة جميلة بين البعدين البصري والفني بما يمكن المتلقي من التواصل مع منجزه التشكيلي وتحريك خيالاته المتنوعة التي يستثيرها هذا المنجز.
يذكر أن الموسى من موالد الدلم بالخرج، وتخرج في كلية المعلمين، ومن ثم عمل أخصائي تربية فنية بوزارة التربية والتعليم، ورئيس القسم الفني بجمعية الثقافة والفنون بالرياض، وعضو مجلس إدارة الجمعية السعودية للفنون التشكيلية.
أسهم بعدد من المؤلفات المتخصصة في الفن التشكيلي، وشارك في معارض محلية ودولية أهلته للحصول على عدد من الجوائز، أهمها: جائزة الدانة الذهبية في الكويت، والميدالية الذهبية بمهرجان المحرس الدولي التشكيلي بتونس، وجائزة الإبداع الأولى، والجائزة الأولى بمعرض المراسم، والجائزة الرابعة في مسابقة دار الفنون.