حتى لا تضيع القضية في التفاصيل، الأمر يتعلق بأمرين الأول أن قضيتنا مع إيران التي تريد السيطرة على العرب بالقوة وتصدر ثورتها لها، والثاني يتعلق بأميركا التي لا يعتمد عليها وهي التي تفضل مصالحها في المنطقة، وإليكم التفاصيل..
ليكن واضحا أن قضيتنا ليست مع الشيعة.. فما نلمسه ونسمعه من قياداتنا أن الشيعة في بلدنا مواطنون لهم حق المواطنة مثل غيرهم لهم حقوق وعليهم واجبات، والشيعة في بلادنا ليسوا المذهب الوحيد فهناك مذاهب عدة في بلادنا لم نسمع ضجيجا وخلافا وأحداثا مثلما نسمع من الشيعة، وهذا دليل على أنهم ليسوا المشكلة، بل المشكلة في إيران التي تزرع الفتنة والخلاف وفق أجندات لم تعد خافية على أحد.. هي ببساطة تريد أن تكرر مثال حزب الله في كل البلاد العربية.. هذا بدا معروفا للجميع.. فما تقوم به منهجي ومتناغم في لبنان والعراق وتحاول في البحرين واليمن والسعودية.. ولا أدري لماذا تصر على أنها تستطيع فعل ذلك غير مكترثة بتبعات هذا الفعل من حروب وتقتيل وسفك دماء..
هي تقوم بتشويه الحقائق وتظهر الشيعة على أنهم مضطهدون ومهضومة حقوقهم من الدعوات الموجهة لهم بالالتزام بواجباتهم حيال الحفاظ على استقرار الدول التي يعيشون فيها والاستجابة للدعوات التي توجه إليهم بالمشاركة والمطالبة وفق قوانين بلدانهم حفاظا على استقرارها وأمنها، لكن ما نراه هو عدم استجابة لذلك ورأينا أمثلة في البحرين، وكذلك ما قام به الحوثيون من أعمال شنيعة تمثلت في إقصاء الرئيس الشرعي ونائبه والاستيلاء على السلطة بالقوة واحتلال مقرات الدولة إلى أن وصل الأمر مدى لا يمكن احتماله نتجت عنه عاصفة الحزم لإعادة الشرعية لليمن..
ويتضح من كل ذلك وجود دعم لا محدود لم يعد سرا أنه من إيران.. وإيران لديها أمل كبير أنها في يوم ما ستحقق أهدافها، وهي بذلك تحاول وتتلون وتخطط وتبذل كل ما في وسعها للنجاح.. وآخر الموضات اللعب بورقة السلاح النووي والمفاوضات مع الدول خمسة زائد واحد والاتفاق الأميركي الأخير ضمن هذه المجموعة..
وهذا يجعلنا ندلف للأمر الثاني والمتعلق بأميركا التي أظن أنها في يوم ما ستفضل مصالحها مع إيران، وأريد أحدا أن يقنعني بغير ذلك إذا بدا لأميركا أن مصالحها تتطلب ذلك.. العلاقة مع أميركا ليست علاقة عشق وحب وهيام، إنها علاقة مصالح، وفي يوم ما إذا انقدح لأميركا أن مصالحها أن تتخلى عنا فهي ستفعل، والتاريخ القريب يشهد على ذلك، وارجعوا إلى أيام الربيع العربي وسترون أن أميركا مع مصالحها ومع الأقوى..
إذا أردنا أن نفرض أنفسنا على أميركا فيجب أن نكون أقوياء.. أثبتنا في عاصفة الحزم أننا نستطيع أن نغير من واقعنا وواقع العالم العربي السابق المؤلم والضعيف، لا بد أن نستمر في الصعود في سلم القوة الذي بدأناه في عاصفة الحزم.. نذكر جميعا الحرب الباردة بين قطبي القوة السابقين الذي استمر عقودا من الزمن.. وكرّست القوة التي يتمتع بها هذان القطبان السلام.. تملكنا للسلاح النووي يكرّس السلام لا يغيّبه كما يظن البعض.. يجعل عدونا يحسب لنا ألف حساب.. يجعل التفاوض نديّا.. تملك السلاح النووي صعب لكنه ليس مستحيلا.. لدينا من الصداقات والمال والذكاء ما يمكننا من احتلال مركز أقوى..
العالم اليوم للأسف هو عالم القوة.. عالمنا العربي مبتلى بما يعانيه من اقتتال وتناحر واختلاف.. هذا قدر الله.. حفاظنا على استقرارنا وأمننا ودحر أعدائنا لن يتم عن طريق الاعتماد على قوى خارجية.. هذا من ناحية، ومن الناحية الأخرى فإن الحفاظ على صداقة القوى الكبيرة الخارجية مطلوب، بل ضروري لكن الاعتماد الكلي عليها خطر جدا.. الوضع القائم الآن يبدو أن القوى الكبيرة ستكون أمام خيارات تحالفية إما هذا أو ذاك.. وهي ستكون مع الأقوى بلا شك لأن مصالحها ستتحقق مع القوي.. هذا أمر معروف ولا بد أن تعرف تلك القوى أننا أقوياء.. المؤشرات فيما يتعلق بتفاوض القوى الكبرى مع إيران أن تلك القوى ستقدم تنازلات الله أعلم بها، وهل هي على حسابنا.. ما الذي يمنع القوى الكبرى أن تتنازل على حسابنا؟ لو أننا نملك القوة التي تملكها إيران فلن يكون هناك تنازل على حسابنا، ولهذا لا بد من الاستعجال في تملك قوة نووية أولا تكرس السلام وتدفع أعداءنا، وثانيا لكيلا نكون ثمنا لتحالفات تتم على حسابنا..
القضية ليست خيارا الوضع القائم الآن يحتم ذلك.. إنها ضرورة وأسأل الله - العلي القدير - أن يمكننا من كل ما يحفظ لنا عزنا وكرامتنا وأمننا.