تصريحات وزير خارجية إيران الدكتور جواد ظريف وخاصة الأخيرة هذا الأسبوع تدل بوضوح على التخبط الذي تشهده السياسية الإيرانية وانعدام الرؤية وحجم الخلاف الداخلي الكبير. المشهد معقد ويتطور على مدار الساعة، وخاصة بعد الاتهامات المتبادلة بالخيانة في الجلسة السرية للمسؤولين الإيرانيين (وزير الخارجية والنائب المتشدد) والتي تم تسريب بعضها في الشريط الذي تم تداوله على نطاق واسع في وسائل التواصل الاجتماعي.

يعرف عن موقع تابناك الإيراني -الذي نشر تلك المشاجرة- خصومته مع هيمنة المرشد الأعلى واعتقاد القائمين على الموقع أن الخامنئي يقود بتسلطه على القرار السياسي البلاد إلى الهاوية. (كوتشك زاده) أشار بأصابع الاتهام إلى ظريف بخصوص المفاوضات مع الغرب بشأن البرنامج النووي، والخيانة التي يقصدها هي تقديم تنازلات للغرب حسب رأي المعمم المتشدد والبرلماني الذي يصنف ضمن الصقور في البرلمان الإيراني. الدكتور جواد بدوره اتهم (كوتشك) بأنه مجرد نائب وأن تلك أسرار لا يحق لأحد غير رأس النظام (المرشد الخامنئي) الاطلاع عليها0غادر وزير الخارجية بعد الاجتماع مباشرة إلى مسقط ومن هنا تبدأ الحكاية، اجتمع بالمسؤولين العمانيين وبدأ بتصريحاته التي جاء فيها أن إيران ترغب في علاقات جيدة مع جيرانها العرب وخاصة السعودية، وأن طهران ترغب في مساعدة اليمن وإيقاف الحرب الدائرة هناك، حتى هنا والكلام جميل، لكنه أردف أن السعودية تريد الانفراد بمفاتيح الحل في اليمن، وأنها -أي المملكة- تعمل على إثارة الداخل اليمني. الطامة الكبرى في عباراته حين بدأ التهديد المبطن بأن السعودية سوف تتضرر من جراء السياسات التي تقوم بها، وأشار إلى أن إيران وعمان تريدان حوارا بين اليمنيين لا يستثني أحدا، في إشارة كاذبة وكأن السعودية لم تدع الجميع بمن فيهم المتمردون الحوثيون الذين يقصدهم للحضور إلى الرياض مع بقية الأطراف اليمنية، وشدد على انتقاد (الأطر الأحادية لتسوية الأزمة اليمنية) في كذبة جديدة، وكأن الرياض لم تسع جاهدة إلى حث الجميع على الدخول في العملية السياسية وترك بلطجة الميليشيات التي يمارسها عبدالملك الحوثي في تنفيذه لأجندة المشروع الصهيوفارسي بحذافيره.

يتحدث أيضا في تصريحاته أنه ينبغي البحث عن حلول جديدة وبذل جهود حثيثة لوقف إطلاق النار، ويتناسى أن جمهورية الشر الإيرانية تمد الحوثي بالأسلحة، وأن كبار القادة العسكريين الإيرانيين في صنعاء يدربون تلك الميليشيا لقتل الشعب اليمني وإطلاق مدافع الهاون على المدن السعودية وقتل الأبرياء من اليمن وتقويض النظام الجمهوري والتحريض على تدمير مقومات الحكومة الشرعية، بل وتشجيع المخلوع صالح وميليشيا الحوثي على مزيد من الهجمات على المناطق الحدودية في جنوب المملكة، ما نتج عنه استشهاد عدد من جنودنا البواسل وتهديد مدننا الآمنة. يتحدث عن إرسال المساعدات الإنسانية الفورية للشعب اليمني في إشارة إلى أن السعودية هي من تعرقل ذلك، وينسى أن ملك الحزم أمر بتخصيص مليار ريال كمساعدات إنسانية قبل أسبوعين من خلال (مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية)، بينما هم يزودون اليمن بالسلاح لقتل بعضهم بعضا ومواصلة التمرد على الشرعية والنظام.

يتناسى ظريف أن السعودية وبأمر خادم الحرمين الشريفين سلمت للأمم المتحدة دعما سابقا في مارس الماضي يبلغ 274 مليون دولار لتمويل العمليات الإنسانية في اليمن المنكوب تلبية لنداء أطلقته المنظمة الدولية، بينما نظامه الإرهابي يرسل ضباط استخباراته لزرع مزيد من الفتن والاقتتال في شوارع المدن اليمنية وتهديد الأراضي السعودية بصواريخ الكاتيوشا والهاون.

ليته تفرغ في مسقط لآشتون وكيري اللذين اختارا تلك العاصمة الخليجية للقائه، وترك عنه تلك التصريحات المستفزة. انطلق إلى الكويت في رحلاته المكوكية التي يسابق بها الزمن ليصرح من جديد بتناقضات تثير استغراب الجميع من عاصمة خليجية أخرى على هامش مؤتمر منظمة التعاون الإسلامي. طبعا بعد أن أعطى تعليماته لوفد منظمة أنصار الله الإرهابية في مسقط ليحرض الإرهابيين الحوثيين على نقل المفاوضات إلى جنيف في سيناريو يريده أن يتكرر كما حدث في الأزمة السورية ونظام الأسد الذي يذبح شعبه والمدعوم من ظريف ومرشده الأعلى. يتهم الرياض بافتعال الأزمات وأن جنيف أكثر ملاءمة للمفاوضات البينية اليمنية، وكأن سويسرا هي من تقع اليمن في خاصرتها الجنوبية ثم يعود مجددا ليرسل رسائل تفيد أن السعودية ستكون الخاسر الأكبر!

يريد ظريف أن يصنع من الدمية العربية الجديدة عبدالملك الحوثي حسن زميره آخر في اليمن السعيد، ومن أنصار الله نسخة من حزب الله. يسمينا ظريف بـ"الأشقاء" في الكويت ويقول إنه يريد مستقبلا أكثر إشراقا لكل الدول في المنطقة، ثم يعود ليهدد أن السعودية ستجلب الضرر على نفسها في نهاية الأمر، وأنه يجب وقف الحملة العسكرية على اليمن!

معالي الوزير ظريف: الحملة العسكرية من أجل نصرة الشرعية وحماية أشقائنا الحقيقيين من تمرد وإجرام ميليشياتكم الإرهابية الحوثية، وتهديدك مردود عليك، ونعلم أنه للاستهلاك المحلي في دولتكم المنهارة ونظامكم الذي يحتضر في ظل ثورة أحوازية وبلوشية وكردية لاستعادة مهاباد. فليتك تهتم ببلادك التي تحترق.