بذلت بعض الدول جهودا لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من طاقات الشباب، فأنشأت منظمات لخدمتهم تعنى بتوفير البرامج والأنشطة، وتزايد اهتمامها برعاية المراهقين، كطريقة لمعالجة المشكلات ومن أهمها تزايد العنف، كذلك تعددت المؤسسات التي تستهدف إعداد الشباب للمستقبل كمؤسسة "الإعداد العقلي" التي تستهدف الشباب في المجتمع الياباني الذي حقق تطوره نتيجة لتضافر الجهود الحكومية والأهلية في تدعيم قدرات المجتمع وشبابه، وتقديم الرعاية التي تسعى إلى حب الإنسانية والتحرر من التفرقة والعنصرية.

الهدف يأتي بمثابة الغاية المشتقة من ظروف مجتمعنا ومتطلبات رقِيّه وتقدمه، ونرى أنه اليوم في أمس الحاجة إلى تجاوز العثرات والمشاكل التي تتعلق بالفكر الاجتماعي وسلامته خاصة لدى النشء، ولأننا لم نعد بحاجة إلى خطاب ديني متطرف يكرس التفرقة وأساليب العنف في تجمعات الشباب، أو يتوصى على أخلاق الناس بالسُلطة والترهيب كنموذج للسلوك العنيف الذي يتأثر به الشباب ويكتسبه، وأبعد من أن يكون أسلوبا دينيا أو تربويا، بل إن هذا ما تسبب في تدهور شباب المجتمع؛ نرى أنه من الواجب الآن مراجعة أي تنظيم من هذا النمط للأنشطة المعنية بالشباب والتي تخاطبهم بشكل مباشر وتؤثر فيهم، حيث إنها وبالتجربة قد أثبتت فشلها، فيما يتوجب إيجاد البديل الذي يعنى بصحة التنمية العقلية لدى الشباب ويزيد من وعيهم وتطوير قدراتهم وتحسين تفاعلهم الاجتماعي من خلال برامج وخدمات مختلفة تساعدهم للتغلب على مشاكلهم.

إن لتطوير الممارسة العامة للخدمة الاجتماعية ورعاية الشباب بأهدافها العلاجية والوقائية والتنموية دورا كبيرا في تحقيق التوازن بين الفرد والمجتمع، وهي تؤدي دورها أيضا في التنشئة السليمة، وذلك من خلال تفاعلات إيجابية يقدمها الممارسون في خدمتهم بالتعامل مع الشرائح كافة (فرد - أسرة - منظمة - جماعة - مجتمع)، من خلال أسس معرفية ومهارية وقيمية تعكس الطبيعة المنفردة لهذه المهنة.

يجب أن تتحد الجهود الأهلية والحكومية لرعاية الشباب واستغلال طاقاتهم في بناء مجتمعهم وخدمته، وهذا يأتي من حاجتهم إلى الانتماء والمنافسة والحركة والتعرف على الخبرات الجديدة فضلا عن الشعور بالأهمية، حتى لا يكونوا أداة سهلة لأعدائهم، فضياع أوقاتهم في الفراغ والشعور باللاجدوى يتحدد في موقف إشكالي كبير، وهو بحاجة إلى فرص حقيقية من أجل مواجهة فعالة للمشكلات، فضلا عن أن تحديد المشكلات الاجتماعية وعلاجها بحاجة إلى مختصين يركزون على العمل من أجلها، خاصة في مجال رعاية الشباب، لأن احتواء الظاهرة يأتي من تلبية الاحتياجات الأساسية للإنسان، وهي أهم ما يمكن عمله في تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال تفعيل المهنة.