تتولد قناعة لدى عضو مجلس الشورى الدكتورة دلال الحربي، بأنها تعرضت لـ"مصادرة علنية" من رئاسة المجلس لأحد حقوقها المكفولة نظاما، في الطريقة التي تم التعامل بها مع توصيتها الخاصة بـ"خطبة الحرمين الشريفين"، إذ واجهت على إثرها تضييقا متعمدا وضغطا نفسيا كبيرا، من أجل إقناعها بسحبها.
وعلى الرغم من عدم قناعة الحربي بالمبررات التي حاول تسويقها رئيس لجنة الشؤون الإسلامية والقضائية، وبعض الأعضاء الذين تم الدفع بهم لثنيها عن تقديم التوصية عشية جلسة الإثنين الماضي، إلا أن الرياح جرت بما لا تشتهيه سفينتها، إذ تعرضت لحالة التفاف على مرأى ومسمع من أعضاء المجلس، وتم اتخاذ قرار عدم طرح توصيتها رغم أنها أبلغت رئاسة المجلس بإصرارها على طرحها.
وتنص التوصية الإضافية التي تقدمت بها العضو دلال الحربي على التقرير السنوي للرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي على "التركيز على أن تكون خطبة الجمعة في الحرمين الشريفين ذات مقصد عالمي وخطاب شمولي يوجه لمناقشة قضايا الإسلام والمسلمين المعاصرة".
وبعد شهرين وعشرة أيام من تقديم العضو دلال الحربي لتوصيتها في تاريخ 4 جمادى الأولى الماضي، جاءها رد لجنة الشؤون الإسلامية والقضائية في منتصف رجب الماضي، بأن التوصية متحققة، غير أن ذلك يمنح العضو مقدم التوصية حق طرحها كتوصية إضافية أمام المجلس، ليفصل الأعضاء في أمرها.
ومع الوقت الكبير الذي كان متاحا أمام لجنة الشؤون الإسلامية والقضائية، لإعداد ردها المتعلق بتوصية خطبة الحرمين الشريفين، إلا أن رئيسها فالح الصغير، فاجأ المجلس في جلسة الإثنين بأن اللجنة في حاجة إلى وقت لإعداد ردها لأنها بحاجة إلى أدلة، بحسب التعبير الذي استخدمه.
واضطرت العضو الحربي بعد أن أقفل باب النقاش في هذا الموضوع، إلى الانسحاب من الجلسة احتجاجا على ما تعرضت له. وقالت الحربي في رسالة بعثت بها إلى "الوطن"، إنها تستغرب من الطريقة التي تم التعاطي معها مع توصيتها، والتي حاولت لجنة الشؤون الإسلامية إيقافها بداعي أنها "ذات حساسية عالية".
وقالت "أنا هنا أتساءل: أين الحساسية وما معاييرها؟"، ومضت في استفهامها قائلة "هل التوصية تتطلب معادلة رياضية أو علمية لتفكيك طلاسمها؟".
وشددت العضو الحربي على أنه لا يحق لأي لجنة من لجان المجلس أن تشعر بملكيتها الكاملة لكل الشؤون التي تندرج تحت إطار مهماتها، لأن مجلس الشورى "سيد قراره"، وجميع الأعضاء شركاء ومؤتمنون على آرائهم.
وفي رسالة غير مباشرة لرئاسة المجلس ورئيس لجنة الشؤون الإسلامية، قالت عضو مجلس الشورى، "من المفترض أن نضع في أذهاننا أن عضوية المجلس هي تكليف من ولي الأمر وثقة تستدعي أن تكون في محلها، وأن يعرف الجميع أن المسؤولية في كل ما يقوله أي عضو تقع عليه، وكلي أسف ألا يتاح المجال لطرح رؤى معينة.. خاصة أن ما تقدمت به إلى المجلس هو حق طبيعي لعضو المجلس حين يمارس دوره الشوري، فيعرض وجهة نظره تحت القبة، ويكون القرار جماعيا حسب التصويت".
وذهبت في تشخيصها لواقع ما جرى إلى القول، إنها ما زالت غير مقتنعة وغير راضية عن الحيلولة بينها وبين تقديم توصيتها، متسائلة عن الأسباب التي دفعت رئيس اللجنة إلى الإصرار على موقفه لتعطيلها، ومدى امتلاكه الحق في مصادر آراء وأفكار غيره إن لم تتوافق مع أفكاره وتوجهاته.