خلال العام الماضي وحده قدمت السينما الأميركية أكثر من عشرة أفلام ضخمة تتناول سيرا ذاتية لشخصيات أميركية حقيقية، بعضها شخصيات شهيرة وبعضها الآخر لم يكن أحد يعرف عنها شيئا يذكر! وبالطبع هذه الأفلام تتحول مع مرور الوقت إلى مصدر أساسي للتعرف على تلكم الشخصيات ومسيرة حياتها، وأثرها ليس على أميركا فقط بل العالم أجمع.

كما هو فيلم "سالم" الذي تناول قصة رمزية عبور جسر للفصل العنصري في "ألباما" بقيادة زعيم الحقوق المدنية "مارتن لوثر كينج"، أو فيلم "القناص الأميركي" الذي مجد قصة القناص العسكري: "كريس كالي" خلال قتله المئات من المواطنين العراقيين العزل وبدم بارد، بل أظهره كما لو كان بطلا قوميا يستحق التقدير! أو فيلم "شباب جريسي" الذي تناول بزوغ نجم فرقة موسيقية شابة خلال عقد الستينيات، وغني عن القول إن تلك الأفلام تغني عن الكثير من المقالات والكتب للتعريف بالقصة نفسها أو بالظروف المحيطة.

المحبط هنا أنه رغم غنى تاريخنا الوطني بالكثير من الرواد والمبدعين والقصص الملهمة إلا أننا لم نقم بتوثيق قصة سعودية واحدة! ولكن ماذا لو تبنى تلفزيوننا السعودي مشروعا وطنيا طموحا بتوثيق سير رجالات بلادنا، من ملوك وأمراء ورجال سياسة وعلماء وفنانين ورياضيين وناشطين، ولكن عبر بوابة دراما وثائقية لا تتجاوز الساعة والنصف من الزمن، ولعلها رسالة إلى معالي وزير الثقافة والإعلام الشاب لتبني هذه الفكرة الطموحة التي سوف تحقق أهدافا متعددة في آن واحد.

فهي أولا حفظ لتاريخنا الوطني بأسلوب سهل وجذاب، وهي – أيضا - وسيلة لتوريث الخبرات وإدراك المهارات، دون إغفال إكساب شبابنا من العاملين في الحقلين الفني والثقافي مزيدا من الخبرات الحقيقية في مجالات السيناريو والحوار والتمثيل والإخراج والتمثيل.

فهل نسعد بذلك اليوم الذي نشاهد فيه صفحة من تاريخنا وبوجهة نظر أحد أبنائنا على شاشتنا الوطنية؟ أتمنى أن نشهد ذلك اليوم قريبا.