المشهد الخامس: يقارب عمر الطفل المراهق الذي بعثته الأيادي السوداء المريضة إلى مسجد "القديح" عمر وسن ابني الأوسط، محمد، لكن "محمدنا" لا يستطيع الذهاب إلى أقرب بقالة على ناصية الشارع المجاور لشراء ولو مجرد دجاجة مثلجة إلا بعد أمرين صريحين من الأم والأب. سؤال المشهد المخيف: ما هي ظروف التعذيب والعذاب النفسي والجسدي التي تعرض لها هذا الطفل المراهق كي يفقد آخر فرصة لحياة كريمة؟ لماذا وكيف وما هي الوسائل التي استطاعت عبرها شلة إرهاب أن تحول طفلا مراهقا إلى حزام ناسف؟ في ثنايا المشهد أسئلة مخيفة لا أستطيع كتابتها. سؤال المشهد الأخير: تحت أي ظرف وإملاء وعذاب نفسي وجسدي استطاع هذا الطفل أن يلبس الأحزمة الناسفة لتفجير مسجد بينما لم تستطع أسرتي الصغيرة أن تقنع "حمودنا" الصغير بالذهاب لشراء دجاجة مثلجة من البقالة المجاورة.
المشهد السادس: في التغريدة الابتدائية لصاحب الفضيلة إدانة صريحة واضحة لهذا المشهد المأساوي في حادثة القديح. لكن صاحب الفضيلة في التغريدة التالية مباشرة يحذر جمهوره، وهم بالملايين من الترحم على الشهداء الذين أسماهم بـ"الضحايا". سؤال لفضيلة الشيخ: كيف نستطيع أن نحدد مواقفنا في الفوارق ما بين "تغريدتين" في ظرف ساعتين؟ كيف ندين ونشجب يا صاحب الفضيلة إزهاق أرواح بريئة في تغريدة خلال ساعة، ثم كيف لا نترحم عليها حسب توجيهات التغريدة الثانية؟
المشهد السابع: ما يقرب من ثلاثين جامعة حكومية أو خاصة أصدرت بياناتها لإدانة وتجريم هذا الحادث الإرهابي المأساوي. لكن المؤسف في المؤشر الأخطر أن كل هذه البيانات وصفت "شهداء" مسجد القديح بالقتلى أو الضحايا، وسأقولها بكل صراحة ووضوح: كل هذه البيانات الجامعية تبدو وكأنها نسخة مطبوعة من "فاكس" مركزي وكأنه يملى عليها ما يجب أن تكتبه. شكرا لجامعة "جازان" لأنها كانت الجامعة الوحيدة التي لم تطبع ورقة "الفاكس" المركزي بالحرف والكلمة والجملة، كانت جامعة جازان في المكان الذي يسكن به الإنسان.
المشهد الثامن: تقول القصة الإخبارية إن طفلا صغيرا يبلغ من العمر خمسة أعوام عاد إلى أمه "شهيدا" وهي من أصرت على وداعه حتى لو كان "مقسوما" إلى نصفين. أجمل وأروع تعليق قرأته عن هذا الطفل هو ما يلي: "بعد خمس دقائق من ولادة "أحمد" اختاروا له اسمه وجنسه وجنسيته وطائفته ومذهبه دون أن يكون له خيار واختيار... دون أن يعلم أن هذه الخيارات التي فرضت عليه ستقسمه إلى نصفين في الركعة الثانية من صلاة جمعة".