يبدو أن اللقاءات التي جرت بين الأميركيين والحوثيين في العاصمة العمانية مسقط لم تحدث الاختراق المرجو، بل عرّت المتمردين، إذ بدا ذلك واضحا في تعليق نائب الرئيس اليمني رئيس حكومة الكفاءات خالد محفوظ بحاح عليها بالقول "نتيجتها الوحيدة هي أنها أسقطت شعار الموت لأميركا الذي كان يسوقه الحوثيون".
وبقليل من التفاؤل وكثير من التوجس، تستعد الحكومة اليمنية للقاءات جنيف، فيما قطع بحاح الطريق أمام من يعتقد أنها ربما تفضي إلى إقامة دولة حوثية في الشمال بقوله "من أراد أن ينقلب على النظام الجمهوري فليبحث له عن جزيرة يفعل فيها ما يشاء.. اليمن لن يتحول إلى حوزات".
في أول موقف رسمي للحكومة اليمنية تجاه اللقاءات التي احتضنتها العاصمة العمانية مسقط بين الحوثيين والأميركيين، قلل نائب الرئيس اليمني رئيس حكومة الكفاءات خالد محفوظ بحاح من شأن النتائج التي خلصت إليها تلك اللقاءات.
وقال في مؤتمر صحفي عقده بالعاصمة الرياض أمس إن تلك المحادثات وإن تمت عبر وسيط، فإنه لم ينتج عنها سوى شيء واحد هو سقوط شعار الموت لأميركا الذي طالما رفعه الحوثيون، فيما أكد أن الحكومة اليمنية لم تكن طرفا في المحادثات التي شهدتها السلطنة بين الحوثيين والأميركيين.
وعلى بعد أيام من انعقاد لقاءات جنيف التي ستجمع الحكومة اليمنية والحوثيين، أشار بحاح إلى أن التمثيل الحكومي في تلك المشاورات سيكون مختصرا، ولن يتجاوز السبعة أشخاص وإن قل فلن ينخفض عن الخمسة، مبينا أن الحكومة وافقت على الذهاب إلى هناك بهدف إجهاض مشروع الانقلاب واستعادة الدولة.
ونفى نائب الرئيس اليمني أن تكون لقاءات جنيف تحمل أي صيغة تفاوضية. وقال "سنذهب إلى هناك للتشاور في آلية تنفيذ القرار 2216 وهو أهم المطالب التي تتمسك بها الحكومة اليمنية، ليصار بعدها إلى جلوس كافة الأطراف السياسية لتشكيل الهيئة الوطنية تمهيدا لإقرار الدستور وطرحه للاستفتاء والذهاب بعدها إلى الانتخابات"، مؤكدا أن مخرجات الحوار الوطني تغني عن الحاجة لأي تفاوض في المستقبل.
وعلى الرغم من موافقة الحكومة اليمنية على مشاركتها في لقاءات جنيف التي ستعقد الأحد المقبل، إلا أن التعليقات الصادرة من نائب الرئيس اليمني تعكس حالة من التوجس والقلق إزاء تحول اللقاء إلى نوع من العبث، مبينا أن الحكومة لا تنتظر من الحوثيين الكثير في تلك اللقاءات. وقال بحاح "إذا لم تحضر النوايا الصادقة فسيكون جنيف مجرد عبث وإمعان في تعذيب الشعبي اليمني".
ونفى المسؤول اليمني الرفيع وجود أي نية لتقديم تنازلات في لقاءات جنيف التشاورية، مبينا أن المشاركة فيها ليست اعترافا بالحوثي. وأضاف "ليس معنا صكوك لنمنحهم إياها.. على العكس فذهابهم إلى هناك هو اعتراف منهم بالشرعية الدولية التي طالما أعربوا عن رفضهم لقراراتها.. نحن نقول لهم نتمنى ألا تذهبوا إلى جنيف.. دعونا نعود للوطن ونطبق ما اتفقنا عليه".
وأوضح خالد محفوظ بحاح أن لقاءات جنيف التي ستنعقد تحت مظلة تيسيرية من الأمم المتحدة، ليست خاضعة لتدخل أي من الأطراف، بما فيها الطرف الإيراني، وستكون لقاءات يمنية- يمنية صرفة.
وبعث نائب الرئيس اليمني برسالة طمأن خلالها المقاومة الشعبية على الأرض، بأنها لن تكون محل مساومة في لقاءات جنيف التشاورية، مبددا بذلك المخاوف التي أثارها عدد من الصحفيين في أسئلتهم أمس.
وقال "تعاطينا مع دعوة المشاركة بجنيف لنثبت أننا دعاة سلام.. ورفضنا الدعوة سيكون ورقة في غير صالح السلطة، ولكن ذهابنا إلى هناك لا يعني كسرا للمقاومة.. فستظل يدنا الأولى ممدودة للسلام، ويدنا الثانية داعمة للمقاومة".
وعن المخاوف من أن تؤدي لقاءات جنيف التشاورية إلى تقسيم اليمن إلى شطرين جنوبي "للدولة" وشمالي "لإقامة الدولة الحوثية"، قلل بحاح من شأن تلك المخاوف. وقال "اليمن شقت طريقها لتكون جمهورية قبل خمسة عقود.. ومن أراد أن ينقلب على النظام فليشتري له جزيرة يفعل بها ما يريد.. لن تكون هناك حوزات في اليمن.. بعمر اليمن لم يكن حاضنا للتطرف الديني.. هناك جماعات مارقة وميليشيات استخدمت الدين كوسيلة أمثال القاعدة وأنصار الله واللذين هما في كفة واحدة.. ما نستطيع قوله هو كفى عبثا بالدين.. فالدين لله".
وجدد نائب الرئيس اليمني دعوته لميليشيات الحوثي بإطلاق سراح وزير الدفاع محمود الصبيحي وبقية المسؤولين والإعلاميين الذين تختطفهم، محملا إياها مسؤولية سلامة هؤلاء ومتوعدا بمحاسبتهم جنائيا فيما لو أصيبوا بأي ضرر، فيما أشار إلى أنه لا توجد أية معلومات متاحة عن المختطفين الآن.
وعن مؤسسة الجيش، أكد خالد بحاح أن اليمن لن يكرر التجارب السابقة التي تمت في عدد من الدول العربية، نافيا أن يكون خيار حل الجيش حاضرا. وقال "الجيش الحالي هم جزء من الجيش الوطني المقبل، والذي سيعمل لأن يكون بولاء وطني وتوازن من كل مناطق البلاد وليس جيشا فئويا أو جهويا كما كان".
وشدد رئيس حكومة الكفاءات اليمنية على عدم احتمال الوضع اليمني لأية مبادرات جديدة، وذلك في تعليقه على مبادرة الرئيس الأسبق علي ناصر محمد التي سلم نسخة منها إلى الجامعة العربية. وقال "انتهى وقت المبادرات.. يكفي سياسة، الناس جائعة تريد سلام وتريد دولة.. يكفينا أن كل الاتفاقيات السابقة من اتفاقية الوحدة والعهد والسلام والسلم والشراكة ومخرجات الحوار ومسودة الدستور جميعها لم تنفذ يضاف إلى أن هناك فئة لا تريد كذلك تطبيق القرار 2216.. هذا لغو، ومن المعيب الاستمرار فيه".
وتمنى بحاح أن يتم استغلال شهر رمضان المبارك لإقامة هدنة إنسانية دائمة في اليمن، غير أنه اشترط لإتمام ذلك ضرورة انسحاب ميليشيا الحوثي من المدن، وذلك لعدم تكرار مآسي الهدنة الإنسانية السابقة التي كانت بشعار الرحمة وباطنها العذاب.