لأكثر من تسع سنوات واصلت كرة القدم السعودية الاستفادة من الحكم الأجنبي الأوروبي في المباريات الحاسمة والفاصلة والكلاسيكو والديربي، وللأسف وكعادة الاتحاد العربي السعودي لكرة القدم لم يقم بأي دراسة طوال هذه المدة عن مدى نجاح أو فشل التجربة.

بل إنه لم يكلف نفسه بالبحث عن البدائل وركز جل اهتمامه على تقليص عدد الأطقم اعتقادا منه أن هذا أمر في غاية الأهمية، والصحيح أن عدد الأطقم ليس هو لب المشكلة أو حتى قشورها فان حضر 3 أطقم أو 5 أطقم من ضمن 26 جولة فهو سيان طالما أنهم حضروا!

ولم يشغل الاتحاد السعودي نفسه بتوقيع أي اتفاقيات ضرورية مع الاتحادات الأوروبية لمحاسبة الحكم الذي يرتكب أخطاء فادحة تؤثر في نتيجة المباراة، بل ظل متفرجا وغير مكترث بالتجربة ويحاول الخلاص منها من دون بذل أي جهود في هذا السبيل.

الأكثر غرابة أن الحكم الأجنبي الذي يحضر للمملكة ليس له علاقة بلجنة الحكام الرئيسة أو فروعها ولا يتعاملون معه إطلاقا، بل إن التنسيق مع الاتحادات الأوروبية واستقبال وتسكين وتوديع الحكام الأجانب يتم عن طريق الأمانة العامة للاتحاد وهذا يؤكد حجم الخلل الذي تعيشه التجربة.

هناك قصور في تجربة الحكام الأجانب الأوروبيين وهناك اعتراض من بعض الأندية على بعض الجنسيات رغم أنني أعتقد أن الحكم الناجح قد يكون من أضعف دولة في كرة القدم وأكبر الأدلة أن الدولة التي أسست كرة القدم لم تفز بكاس العالم إلا مرة واحدة وعلى أرضها وبهدف مشكوك فيه حتى اليوم.

إن مرور عقد من الزمن على هذه التجربة يحتاج إلى ورشة عمل بين الاتحاد والرابطة والأندية وذوي الخبرة والاختصاص وبحضور لجنة الحكام الرئيسة لدراسة الوضع بشكل كامل ودقيق للوصول لصيغة مرضية لصالح كرة القدم السعودية وليس لصالح أي من الجهات التي تحضر الورشة.

من المهم في الورشة تحديد الدول التي يمكن الاستفادة من حكامها من أفريقيا وآسيا وأوروبا وبالتالي مخاطبة تلك الدول وعقد اتفاقيات ملزمة للطرفين بحيث يتم معاقبة الحكم المقصر أو الذي ارتكب أخطاء تحكيمية من قبل اتحاده المحلي وإشعار الاتحاد السعودي بذلك.

أما أن يحضر الحكم الأجنبي بدرجة رجال الأعمال وحكامنا يجوبون ملاعب المملكة بسياراتهم الخاصة أو بطيران الدرجة الضيافة ويسكن الأجنبي في فنادق خمسة نجوم وبعض حكامنا الدوليين في بيوت الشباب أو عند زملائهم في المناطق الأخرى ويسلم الأجنبي حقوقه المالية قبل المباراة وحكامنا بعد 3 سنوات ثم يرتكب الحكم الأجنبي كوارث تحكيمية ويغادر معززا مكرما دون سؤال أو جواب، بينما الحكم السعودي يتم التعرض له في كل وسائل الإعلام وبأقذع العبارات والإساءات.

في رأيي لا زلنا بحاجة للحكم الأجنبي ولكن نحتاج إلى تنظيم وترتيب العملية والاستفادة من التجارب السابقة، ووضع هيبة اتحاد القدم ولجنة الحكام الرئيسة فوق الجميع من عائلة كرة القدم السعودية.