حينما أسمع المذياع يقول: "معكم إذاعة البرنامج الثاني"، يتبادر إلى ذهني أن ثمة برنامجاً إذاعياً ثالثاً ورابعاً.. إلخ!

أحد الآباء اختار لبناته أسماء بحسب ترتيبهن في الميلاد؛ فجاءت أسماؤهن هكذا: أولى، ثانية، ثالثة.. إلى الفتاة الحادية عشرة!.. هو لا يتحرج من ذكر أسماء النساء، كما هي تقاليدنا العربية غير الإسلامية، إلا أن فكرته هذه قادتني إلى اكتشاف المبرر القديم لدى (الرئاسة العامة لتعليم البنات) في تسمية مدارسها بنفس الطريقة، هكذا: المدرسة الأولى، الثانية، الثالثة، الرابعة عشرة، الخامسة والعشرون، التاسعة والتسعون بعد المائة.. إلى آخر رقم لآخر مدرسة، لكنني لا أظن أن مؤسساتنا التعليمية تتحرج من ذكر أسماء النساء، وإلا ما الجهة التي ستعلمنا أن أسماءهن ليست عاراً نخجل منه!

إذا كان ما تقدم غير مهم، فإن المهم أنْ ليس من حق الرجل التفرد بتسمية بناته، وحرمان الأم المشاركة في اختيار أسماء جميلة لبناتها؛ كعائشة وفاطمة وزبيدة، أو سعاد ورحاب ومنال وجواهر، بدلا من: أولى، ثانية، ثالثة.. بيد أن السؤال الأهم هو: ما رأيكم أن نستثمر وجود سمو وزير التربية والتعليم الأمير فيصل بن عبدالله بن محمد آل سعود- على رأس الوزارة- فنجدد الاقتراح القديم حول تسمية مدارس البنات بأسماء نساء خلدهن التاريخ الإسلامي، كخديجة بنت خويلد، وعائشة بنت أبي بكر، ونسيبة بنت كعب، وآسيا بنت مزاحم، وأسماء بنت يزيد، وحتى أسماء لسعوديات تركن بصمات مشرفة في سجل الوطن؟. أم أن أحدنا سيخجل من اسم خديجة على باب المدرسة، لأن اسم ابنته خديجة، فلا يرضى أن يقرأه الرجال بينما هو عورة في نظره؟

لقد لمست في سمو الوزير تفهماً وتواضعاً وإنصاتاً لكل من يطرح رأياً موضوعياً، بل ويتصل بصاحب الرأي بكل أريحية؛ لذلك أشعر بأن الوقت المناسب يمر بجوارنا.

لنعد إلى الإذاعة: هل تنوي وزارة الثقافة والإعلام أن تحدث برنامجاً ثالثاً إضافة إلى البرنامج الثاني؟. لكن هذا قد يدفعنا لنسألها: وأين البرنامج الأول؟. فإن قلنا: هو إذاعة البرنامج العام، فهذا يعني أن ثمة برنامجاً آخر اسمه البرنامج الخاص! وأين هو؟.. أنا لا أعرف.. كل الذي أعرفه أن اللغة العربية ستبقى أشمل وأجمل لغة عرفتها السموات والأرض، حتى لو لم أحسنها أنا والإذاعة معاً.

قلت:

من السهل أن تنتقد مسؤولاً، لكن من الصعب أن تفهم عمله.