يبدو أن كثيرين من النقاد بمختلف مستوياتهم لم يستوعبوا سلبيات سابقة كلفت أنديتنا خسائر فادحة أمام الفرق المنافسة آسيويا ولاسيما الإيرانية منها. والمؤسف أن بعضهم لاعبون سابقون يؤكدون في تحليلاتهم وتصريحاتهم أن هذا الفريق أو ذاك سهل تجاوزه، ويسايرهم جماهير عبر وسائل التواصل الاجتماعي بما يؤثر في تعاطي اللاعبين مع طريقة الاستعداد ومواجهة المنافسين.

وخلال اليومين الماضيين قرأت تحليلات وآراء مختلفة تؤكد سهولة تجاوز الهلال والأهلي لبيروزي ونفط طهران في مباراتي الإياب بالرياض وجدة، وهذا مخالف للحقيقة والواقع، فكرة القدم الحديثة لم تعد تؤمن بالفوارق الفنية "التكنيكية" بل تعتمد على "التكتيك" أكثر من "التكنيك"، مع أهمية دمج التكنيك بالتكتيك ليكتمل الإبداع. ولكن لاعبينا بشكل عام يهملون أدق عوامل التكتيك المكملة لتفوقهم المهاري، بينما تتشاطر الأندية الإيرانية بلاعبين أقوى بدنيا وأكثر قدرة على استغلال القوة الجسدية.

ونربط حديثنا بعودة الهلال والأهلي من طهران خاسرين بهدف، فأصبح لزاما الفوز بفارق هدفين، وهذه المعادلة تحتم هجوما قويا وتنظيما دفاعيا يتصدى للهجمات المرتدة التي تجيدها الفرق الإيرانية وخصوصا خارج أرضها. والأهم عدم التأثر بأي أخطاء تحكيمية.

نحن دائما "نتوهم" بالسيطرة الميدانية وتكاثر الفرص المهدرة، بينما الفرق الإيرانية تلعب بدفاع المنطقة والانسلال ارتداديا والتركيز على أخطاء فرقنا وهفوات مدافعينا أو الحراس، وهذا ما حدث للهلال والأهلي تباعا، حتى إن الأهلي تلقى أول خسارة هذا الموسم بعد أن أنهى منافساته محليا دون خسارة.

بالطبع إن الاستفزازات الإيرانية "خارج الملعب" في طهران أشغلت الجميع وأثرت في التهيئة النفسية، بكرم الفرق المضيفة ضد ضيوفها بأساليب غير رياضية، لكن يجب ألا ننشغل بها الآن، ويجب أكثر أن نركز في تجهيز اللاعبين بما يؤهلهم لتجاوز هذه المهمة الصعبة جدا، لابد أن يكون تركيز اللاعبين قويا وليس مبالغا فيه، ومن المهم أن يعتني اللاعبون بتعليمات المدربين دونيس وجروس.

ولابد من الصبر وعدم التعجل والتسرع في تمرير الكرة، وتحمل المواجهة الجسدية والالتحامات والمراقبة العنيفة. ومع مرور الوقت سيتحقق الهدف بعد توفيق الله. هذا شأن فني بحت يختص بالجهاز الفني للفريقين، دون إغفال تكتيك واهتمام المنافسين بمعنويات عالية وبحوافز متنوعة.

وفي جانب مرادف، لست مع النداءات الجماهيرية وخصوصا في الجانب الهلالي، والأفضل أن يكون الحضور عاديا بما يكون مفاجئا للإيرانيين، مع التشديد على عدم عمل "تيفو" الذي أصبح مبتذلا في الكثير من المباريات، بل قد يضر أكثر مما ينفع، ولذا لابد من "تقنينه" بأن يكون في مناسبات تعطي قيمة إضافية له.

أما الأهلي فربما إن الحضور الجماهيري مطلب كونه لم يواجه مشاكل جماهيرية في طهران، إضافة إلى أن الانتقادات طالت الجماهير الأهلاوية في الثلث الأخير من الموسم.

ولا أنسى تزامن هاتين المباراتين مع الاختبارات النهائية، ووقتها متأخر بعد التاسعة مساء، لذا ليس من مصلحة طلابنا إهدار وقت طويل لأكثر من نصف يوم بينما يتكبدون الحضور عصرا والبقاء إلى منتصف الليل. لابد أن نراعي مثل هذه الظروف، مع تحفيز اللاعبين بتحقيق التأهل لدور الثمانية بإذن الله، ومن أهم العوامل منحهم مستحقاتهم أو جزءا منها.

نأمل أن يعود السومة قائدا هجوميا في أحسن حالاته، وأن تكون هذه المرحلة بصمة لنيفيز مع استنهاض همم جميع لاعبي الفريقين بما يقوي حضورهم من أول دقيقة وحتى الثانية الأخيرة دون هوادة ولا يأس ولا ثقة زائدة.