حادثة جديدة أصابت جزءا من جسدنا الوطني وتألمنا لأجلها جميعا، ونحن الآن نستجدي مواقف العقلاء، فهي إحدى الوسائل التي تستهدف أمن المسلمين وتنتهك حرماتهم، وتدفع بدمائهم كفاتورة من أجل توسيع دائرة الفوضى واستغلال التوتر الطائفي الذي يجتاح المنطقة، حينما أخذ التوتر يشكل ثغرة يسهل للأعداء اللعب على أوراقها وإثارة نزعاتها مع كل حدث، إزاء عقليات جاهلة ومؤدلجة باعت شرفها وضميرها ودينها، وكانت أداة سهلة لأعداء الوطن.

إذا كنا سنتساءل عن الجهة المستفيدة من حدوث الجريمة وتفشيها في مجتمعنا، فلا شك أنها تنظيمات شاذة تتعاون وتعتبر أن نسبة أي ممارسة ذات شذوذ أخلاقي إليها رفعة من شأنها، ولا شك أن التطرف أحد مكوناتها الأساسية، فهي تمارس الإرهاب وتتجرأ على حرمة المسلم وانتهاكها حتى في بيوت الله ظنا بأنه السبيل الذي تستطيع به مد نفوذها، الأمر الذي يحتاج إلى وقفة أمنية ووطنية تعمل على سد الثغرات التي يستخدمها الأعداء للتغلغل بيننا.

على العقلاء تجاوز فكرة التعميمات والتصنيف والتنميط التي تؤزم المواقف الضدية، والحقيقة أننا التمسنا من هذا الحدث مواقف مشرقة وتعاطفا إنسانيا ووطنيا يغض النظر عن الاختلافات الإثنية والمذهبية، ومن تخلف عن هذا الإطار فعلينا إعادة النظر في التربية التي عملت على إنتاجه وحرفت إدراكه وتصوراته، حين لا بد من مقاومة الفكر الذي ينمي الفروق والاختلافات ويضع دلالات لتكريس التعصب والتفرقة.

رجاؤنا أن نتجه إلى بناء الهوية وتعزيز الانتماء الوطني في جميع مكوناتنا الثقافية، وتذويب الفروقات وإزالة الحواجز النفسية، وذلك من خلال تنميتها وإشغالها ببناء مجتمعها وخدمته سعيا في تقويته كمجتمع مدني حديث، وعلينا أن ندين هذا الفعل الإجرامي مهما كان مصدره ودافعه، فهو يروج للفوضى والعشوائية وينمي الإجرام، وقد حان الوقت لإقرار القانون الذي يضع حدا مفصليا للأساليب التي تعمل على التحريض وتشعل الطائفية، وتتعاكس مع أهداف وحدتنا الوطنية، ومما لا شك فيه أن مثل هذه الأحداث تعطي انعكاسات كثيرة ومتفاوتة، وهناك من يستفيد من حدوث هذه الجرائم، ويتمنى أن تشتعل الفتنة لتنهش في كياننا الاجتماعي.

الأمر الذي حدث يطالنا جميعا، ومصابنا في القطيف يجعلنا نشعر بحجم الفراغ الذي يحدثه التساؤل: ماذا يعني أن يهدد الإنسان في أمنه؟! وبقي لنا أن نوجه العزاء إلى أهالينا في القطيف.. جبر الله مصابكم، ورحم شهداءكم، وإنا لله وإنا إليه راجعون.