"لا يغني المصباح فوق البيت وداخله مظلم، كذلك لا يغني كلامكم بالخير مع أفعالكم الرديئة".
حكمة قديمة تقال لمن يقول ما لا يفعل. في كل مناسبة لها روحانية -مثل أيام الجمع- يظهر نماذج من البشر يجدون في أنفسهم المثالية والكمال عن بقية الناس، فتجدهم يتنقلون هنا وهناك لممارسة دور الصالح التقي. ونصبح أمام شخص ليس ذلك الشخص الذي عرفناه يوم السبت والأحد وبقية الأسبوع، بل إن هذا العمل ينطلق من منطلق حب الظهور والغرور والحكم المسبق على الأشياء والناس.
جميعنا يعلم أن الجانب الروحاني يحسن الظن بالناس ولا يغتر ولا يحب الغرور. لا تقنع نفسك أنك أفضل من غيرك فتخسر، ما يجعل "الأنا" تكبر إلى الحد الذي يجعلنا نلغي كل القيم الإنسانية ونبتعد فيها عن الأخلاق والمبادئ في وقت محدد ثم العودة لها وقت آخر. لا شك أن هذا السعي ليس عيبا ولا يمكن أن ننفي علاقتنا بالمجتمع المحيط أي حتى لو كان المجتمع غير متفهم لك لا يعني أنك غير متفهم له.
لا تتركوا مجالا "للأنا" أن تتحدث بين الكلام والأفعال، وأن تفرض نفسها بالقوة، اجعلوا أعمالكم تتحدث عنكم وهكذا تعلمنا، وإلا فإن "الأنا" الموهومة بالصلاح المطلق ستكبر وتتضخم، ونحن نعتقد أننا مسيطرون عليها.
ماذا لو مارست أمورك الروحية بشكل طبيعي، وكأن توجهك الروحي واحد لا ينفصل عن حياتك اليومية؟ سيكون له تأثير جميل على المجتمع وعلى ذاتك. ستكون الإشارات والطاقات والنورانيات متجلية لك في كل الأوقات، وتكون في حضور دائم أينما كنت وحينها لو مارست روحانيتك أو تعاليمك لن تكون بوجهين ولن تكون مزيفا. ستكون واحدا وليس ليوم واحد.
الإنسانية غالبة بالحب وليس بالمثالية المزيفة، فهكذا تكون حققت رسالتك أو على الأقل ستكون أنت في المسار الصحيح. الطرق الروحية لا تحتاج إلى عبارات ولا أي مظهر سوى مظهر المحبة والأخلاق. لنمارسها جميعا في العمل، في المنزل، في المجتمع. لا تخافوا. لن يتلاشى حبكم ولا تفرضوا آراءكم على الناس ولا تستقطبوا أحدا إلى وصاياكم. تذكر دائما أنك على حق والآخرون على حق على قدر معرفتهم. الاختلاف رؤية للصورة بشكل أوسع وأكبر وأكمل. من يعتقد أنه يفهم في كل شيء فهو لا يفهم شيئا.